خطاب الرئيس الزبيدي تأكيدًا على ثبات المشروع الجنوبي ووحدة الصف

خطاب الرئيس الزبيدي تأكيدًا على ثبات المشروع الجنوبي ووحدة الصف

قبل 3 ساعات
خطاب الرئيس الزبيدي تأكيدًا على ثبات المشروع الجنوبي ووحدة الصف
الأمين برس/ منير النقيب

جاء خطاب الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عشية الرابع عشر من أكتوبر، بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، ليجدد التأكيد على الثوابت الوطنية الجنوبية، ويعيد التذكير بجذور النضال الممتد من ردفان الثورة إلى معارك الحاضر، في سبيل استعادة الدولة الجنوبية وتحقيق الاستقلال الثاني.

الخطاب، الذي اتسم بلغة قوية ومتماسكة، حمل في طياته رسائل متعددة الاتجاهات داخلية وخارجية، سياسية وعسكرية أبرز فيها الزُبيدي موقع الجنوب اليوم كرقم صعب في معادلة اليمن والمنطقة، وموقف المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان سياسي حامل للمشروع الوطني الجنوبي ومعبّر عن إرادة الشعب.

 

 

*أولاً: استدعاء التاريخ لتثبيت الهوية الوطنية

 

 

افتتح الرئيس الزُبيدي كلمته باستحضار روح ثورة 14 أكتوبر التي انطلقت من جبال ردفان، ليضع الحاضر في سياق التاريخ النضالي الطويل لشعب الجنوب.

هذا الاستدعاء لم يكن سرداً احتفالياً، بل جاء بوصفه “حالة وعي وطني عميق وإيمان صادق بعدالة القضية”، وهو تعبير يعكس فهم الزُبيدي العميق لثورة أكتوبر كفكر ومشروع متجدد لا كذكرى زمنية فقط.

من خلال هذه المقاربة التاريخية، أعاد الزُبيدي رسم خط الاستمرارية بين مناضلي الأمس ومقاتلي اليوم، مؤكداً أن “الاستقلال القادم امتداد طبيعي لاستقلال نوفمبر 1967”، وأن الجنوب لا يزال على ذات النهج التحرري الذي خطته دماء الشهداء.

 

 

*ثانياً: تثبيت الثوابت الوطنية

 

 

حمل الخطاب تأكيدات صريحة على ثوابت المشروع الجنوبي، أبرزها:

• التمسك بحق استعادة الدولة الجنوبية المستقلة، باعتبارها هدفاً لا مساومة فيه.

• رفض أي وصاية أو إدارة للجنوب من خارجه، في إشارة واضحة إلى رفض محاولات الهيمنة المركزية أو إعادة إنتاج نظام الوحدة الفاشلة.

• تأكيد المجلس الانتقالي كحامل شرعي للقضية الجنوبية، يرتكز على التفويض الشعبي والدعم الجماهيري الواسع.

• دعوة إلى الاصطفاف الجنوبي الكامل حول الميثاق الوطني الجنوبي الذي أُقرّ قبل عامين، باعتباره وثيقة تأسيسية لمسار الاستقلال والسيادة.

في هذا السياق، بدا الخطاب حازماً في توجيه رسائل داخلية مفادها أن “الجنوب لن يُدار إلا بأبنائه”، في تأكيد على مبدأ “التمكين الذاتي”، الذي يعتبر أحد مرتكزات الرؤية الاستراتيجية للانتقالي في بناء مؤسسات الجنوب.

 

 

*ثالثاً: الحلفاء والإقليم

 

 

خاطب الزُبيدي الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بعبارات تقدير ووفاء، مؤكدًا على “الشراكة الاستراتيجية في مكافحة الإرهاب وتأمين الممرات البحرية ودعم جهود السلام”.

هذه الفقرة من الخطاب حملت دلالات واضحة على التزام الانتقالي بخيار السلام الإقليمي، ولكن على قاعدة الاعتراف بالجنوب كطرف رئيسي في أي تسوية سياسية قادمة.

 

 

وقد أراد الزُبيدي من خلال ذلك أن يضع المجتمع الدولي أمام حقيقة أن تجاوز الجنوب في أي عملية تفاوضية سيكون خطأً استراتيجياً لن يقود إلى استقرار مستدام.

 

 

*رابعاً: وحدة الموقف العسكري والأمني

 

 

وجه الرئيس الزُبيدي تحية تقدير لقوات الجنوب المسلحة والأمنية، واصفًا إياها بأنها “الامتداد الطبيعي لثوار أكتوبر ونوفمبر”.

 

 

هذا الخطاب إلى المؤسسة العسكرية لم يكن مجرد إشادة معنوية، بل تأكيد على الدور المحوري للقوات الجنوبية في حماية الهوية والسيادة، خصوصاً في ظل استمرار تهديدات ميليشيا الحوثي.

وقد أعاد الرئيس الزُبيدي تأكيد موقفه من الحرب ضد المشروع الحوثي قائلاً إن “الجنوب سيظل رأس الحربة في مواجهة الإرهاب الحوثي الإيراني”، مشيراً إلى أن هذه الشراكة في المقاومة لا تتناقض مع حق الجنوب في استعادة دولته.

بهذا الخطاب، رسم الزُبيدي معادلة دقيقة تجمع بين التحالف الإقليمي ضد الحوثي والحق الوطني الجنوبي في تقرير المصير.

 

 

*خامساً: الانفتاح على الشمال وقوى المقاومة الوطنية

 

 

وجه الرئيس الزُبيدي رسالة تضامن إلى أبناء المحافظات الشمالية المناهضين للحوثيين، مثل البيضاء وإب وصعدة وتهامة، مؤكداً أن الجنوب يعتبرهم “عمقاً استراتيجياً وامتداداً طبيعياً”.

 

 

بهذا الطرح، حاول الرئيس الزُبيدي أن يرسخ فكرة التحالف الوطني ضد الاستبداد الحوثي بعيداً عن منطق العداء الجغرافي، مع الحفاظ على خصوصية الهوية الجنوبية.

وهي رسالة ذكية ذات أبعاد إنسانية وسياسية، أراد من خلالها توسيع دائرة التعاطف مع الجنوب باعتباره مشروعاً تحررياً وليس انفصالياً بالمعنى السلبي.

 

 

*سادساً: تمكين المرأة والشباب – رهانات المستقبل

 

 

خصّ الزُبيدي في خطابه فئتين محوريتين: النساء والشباب.

فقد أشاد بدور المرأة الجنوبية في مسيرة التحرر، وأكد التزام المجلس “بتمكينها وتعزيز حضورها في الحياة السياسية والاقتصادية”، إيمانًا بدورها في بناء المجتمع الحديث.

أما الشباب، فقد وصفهم بأنهم “شعلة الثورة وروح الأمل”، ووعد بفتح آفاق التعليم والتأهيل أمامهم ليكونوا ركيزة الدولة القادمة.

 

هذه الإشارات تعكس رؤية تنموية مستقبلية تتجاوز البعد السياسي، نحو بناء مجتمع متوازن يشارك فيه الجميع بفعالية.

 

 

*سابعاً: البعد الجماهيري والرسالة الرمزية

 

 

اختتم الزُبيدي كلمته برسالة عرفان لجماهير الجنوب التي احتشدت في الساحات لإحياء ذكرى أكتوبر، مؤكدًا أن هذه الجموع هي “الضمانة الحقيقية للنصر”، وأن “الاستقلال قادم لا محالة”.

هذه العبارة الأخيرة حملت بعدًا تعبويًا ورسالة ثقة، تهدف إلى رفع المعنويات وتجديد العهد بين القيادة والشعب، في لحظة سياسية دقيقة تشهد فيها القضية الجنوبية تفاعلات إقليمية ودولية متسارعة.

 

 

 

 

*مرحلة جديدة من النضج السياسي

 

 

يمكن القول إن خطاب الرئيس الزُبيدي في الذكرى الـ62 لثورة أكتوبر لم يكن مجرد خطاب احتفالي تقليدي، بل بيان سياسي شامل يعكس تطور الخطاب الجنوبي من مرحلة “المطالبة بالتحرير” إلى مرحلة “إدارة المشروع الوطني”.

 

 

لقد جمع بين الرمزية الثورية والواقعية السياسية، بين الاعتزاز بالتاريخ والانفتاح على المستقبل، وبين التمسك بالهوية الجنوبية والتعاون مع الحلفاء الإقليميين والدوليين.

 

 

بهذا المعنى، يمثل الخطاب خريطة طريق جديدة للجنوب في المرحلة المقبلة، تؤكد أن مشروع الاستقلال لم يعد مجرد حلم، بل مسار وطني منظم ومسنود بإرادة شعبية صلبة ورؤية قيادية واضحة.

 

 

 

 

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر