في 14 أكتوبر 1963، انطلقت من جبال ردفان ثورة شعب طال صبره، واشتدت قبضته على البندقية، فاشعل الثورة في وجه أكبر إمبراطورية استعمارية في التاريخ والتي جاءت بعد تراكمات، من الإضرابات العمالية، والانتفاضات القبلية، والوعي الوطني الذي كانت تغذيه الأحداث العربية الكبرى، وعلى رأسها ثورة يوليو بمصر العربية ، فقد كانت الأرض تغلي وكل ما تحتاجه هي الشرارة، وكانت تلك الشرارة من ردفان قادها الشهيد راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد في أول يوم للثورة ليكتب بدماءه أول سطر في قصة الانعتاق من استعمار جثم على صدر الجنوب لأكثر من 129 عاماً، لم تكن بريطانيا تتوقع أن الناس البسطاء والوجوه البريئة في تلك الجبال والسهول سيتحولون إلى أشباح نار، يطاردون جيوشها في المدن والوديان، ويجعلون من كل شبر في أرض الجنوب تشتعل ناراً
أهم الدلالات التي حملتها الثورة
1. الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، والمفاوضات والاتفاقيات الناعمة غيرمجدية، فالاستعمار كان يستعد للبقاء فترة أطول لكن الرصاص أجبرها على الرحيل في نوفمبر1967.
2. التنظيم الثوري يصنع الفرق فلم تكن العمليات الثورية عشوائية
3. الريف قلب الثورة النابض، والمدينة عقلها المخطط فمن الجبال جاءت البندقية، ومن عدن جاءت الخطة، تحول الكفاح من الريف إلى المدن.
4. وحدة الهدف تصنع المعجزات فلو لم يتوحد الثوار تحت راية واحدة، لما تمكنوا من هزيمة قوة استعمارية بعشرات الألوف من الجنود المدججين بالسلاح والطيران
دروس من ثورة أكتوبر1963م
1)أن تكون حراً ، يعني أن تكون مستعداً لدفع الثمن
2) الخوف هو سلاح المستعمر، والشجاعة هي كسر الخوف فكل طلقة كانت صفعة على وجه الغطرسة الإمبراطورية.
3)حين يتحرك البسطاء لا شيء يستطيع أن يوقفهم ٠
4)الثورات لا تنتصر بالرصاص فقط، بل بالإيمان المطلق بعدالة القضية
وهكذا في 30 نوفمبر 1967، غادر آخر جندي بريطاني عدن مذعوراً تحت وقع الأناشيد، وأُعلنت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، في لحظة تاريخية دوى فيها صوت الحرية من ردفان إلى المهرة ومن عدن إلى حضرموت.
ولأن الثورات لا تنتهي عند الاستقلال، بل تبدأ منه، فإن ثورة14 أكتوبر ستظل نقطة الارتكاز لكل حلم وطني، لحلمنا التحرري اليوم، ولكل مشروع تحرري قادم فالأوطان تبنى بالتضحيات، وتحمى بالوعي، وتُنهض بالإرادة٠
