جرح 7 يوليو، والارادة التي لا تنكسر

جرح 7 يوليو، والارادة التي لا تنكسر

قبل 6 ساعات
في مثل هذا اليوم من العام 1994، سجل التاريخ لحظة أليمة في حياة الشعب الجنوبي حين سقطت مدينة عدن تحت وقع الرصاص والدبابات لتبدأ؛ مرحلة جديدة عنوانها التهميش والاستحواذ ويفقد الجنوب سيادته التي دخل بها مشروع الوحدة بحسن نية، لقد كان 7يوليو يوماً مؤلماً ؛ لانه دشن مسار طويل من الاقصاء ومحاولة طمس الهوية الجنوبية لكن الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها هي ان ما جرى بعد الحرب لم يكن مجرد خلاف سياسي بل كان تفكيكاً منهجياً لمنظومة اخلاقية وادارية عريقة في الجنوب، لصالح ثقافة قبلية غنيمة لا تؤمن بالشراكة، ولا تعترف بالتعدد ولا تبني دولة لم يعامل الجنوب بعد الحرب كشريك في الوطن بل كفرع يجب اذابته في المركز؛ فاستهدفت مؤسساته واقصيت كوادره وساد منطق المنتصر في كل مفاصل الدولة، وتحولت الوحدة الى وسيلة للاستحواذ وغابت عنها القيم الاخطر من السلاح الذي حسم المعركة كان الفساد ، الذي نخر روح الدولة حيث انتشر كممارسة ممنهجة لا بوصفه خلل عارض بل كأداة سيطرة واستخدمت مؤسسات الدولة كوسائل توزيع للمصالح والمنافع، لا كاجهزة خادمة للمواطن وهكذا بدأ مشروع افساد الجنوب لا فقط احتلاله في التعليم تراجعت القيم لتحل محلها ثقافة الغش والتلقين، وفي الادارة تم تسريح الاف الكفاءات الجنوبية، لا بحجة التطوير بل لافراغ الجنوب من نخبه واحلال الولاءات محل الكفاءة، وعلى المستوى الثقافي اعيد تشكيل المناهج لتشويه ذاكرة الجنوب وتقديم تاريخه الوطني المقاوم كهوامش غير مهمة ولم يكن هذا المسار مجرد نتيجة للحرب بل كان انعكاساً لبنية سياسية فاسدة جعلت من الدولة مزرعة خاصة وفتحت الباب امام قوى النفوذ للاستثمار في الانقسامات والنهب باسم الشرعية اليوم وبعد اكثر من ثلاثة عقود ما زالت اثار 7 يوليو حاضرة في كل تفاصيل الحياة اليومية، في الجنوب الفقر وانهيار الخدمات وضياع الثقة بالمؤسسات، كلها نتائج لفساد متراكم لا لحرب عسكرية فقط وهنا تظهر الحقيقة الجوهرية لا مستقبل للجنوب بدون اجتثاث الفساد، ولا معنى للحرية اذا لم تبن على اسس العدالة والمساءلة ان معركة الجنوب لم تعد فقط معركة سياسية؛ بل اخلاقية بامتياز نحن لسنا امام خيار الانفصال او البقاء فتلك قد حسمها شعبنا، لكننا امام مسؤولية اعادة بناء الانسان الجنوبي على قاعدة احترام الذات ورفض تكرار نماذج التسلط والفساد، ايا كان مصدرها او مظهرها الجنوب لا يبنى برفع الشعارات بل ببناء مؤسسات نزيهة، وقضاء مستقل ،وتعليم يحترم العقل، واقتصاد يدار بالكفاءة لا بالمحسوبية ان اخطر ما يمكن ان يواجه الجنوب اليوم هو ان يتحول حلم التحرر الى اعادة انتاج للظلم ولكن هذه المرة بايد جنوبية لقد علمتنا السنوات ان الشعارات لا تبني اوطانا وان النصر الحقيقي هو النصر على الفساد، على الجهل على الكراهية، فالجنوب الذي نريد هو جنوب يتسع لكل ابنائه ويحاسب كل فاسد ويحترم كل اختلاف اما من يراهن على النسيان او يظن ان جراح الشعوب تشفى بالخطابات، فانه لا يفهم ان الشعوب تهزم فقط عندما تستسلم والجنوب لم ولن يستسلم في 7 يوليو94م نزف الجنوب، لكن في كل يوم بعده قاوم الجنوب بالوعي وبالارادة وبالايمان، بان الكرامة لا تهدى بل تنتزع واليوم نحن امام لحظة صدق اما ان نكمل المسار باخلاق او نعيد انتاج المأساة بثوب جديد

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر