القوي من امتلك القوة

القوي من امتلك القوة

قبل سنتين

 لطالما سمعنا ومازلنا نسمع ان القوي هو من يتملك الحق وليس من يمتلك القوة،لكن معظم الشواهد والقرائن والاحداث تؤكد أن الانتصار يكون غالبا لصاحب القوة وان الحق ما انتصر الا حين امتلك القوة، وأن الضعيف غالبا يخضع للقوي وان كان الحق مع الضعيف. 
وعليه أن كنت صاحب حق فعليك أن تسعى لامتلاك القوة لكي تنتصر وتأخذ حقك مالم، فحقك سيظل مسلوبا او مهددا بالاستلاب منك ما دمت ضعيفا في عالم لا يحترم الا القوة والاقوياء. 

أوكرانيا تتعرض اليوم للغزو الروسي مثلما تعرضت بنما  للغزو الأمريكي، الحق كل الحق كان لبنما حين غزتها أمريكا، والحق كل الحق اليوم لاوكرانيا وهي تتعرض للغزو الروسي، لا غرابه فالعالم  تديره وتوجه سياساته وتتحكم فيه القوة، القوى الدولية التي تمتلك القوة هي وحدها من تستطيع ان تفعل ما تريد، في حين يظل الضعفاء والصغار مجرد تابعين، يتبعون هذه القوة أو تلك، القوة تتحاشا الاصطدام بقوة مثلها، لكنها لاتعير أهمية لمن هم أدنى منها في القوة، هكذا تفادى الأمريكان الاصطدام مع القوة الروسية في سوريا وكذلك فعل الروس تجاه الأمريكان، والأمر نفسه يحدث اليوم في أوكرانيا، فمع كل هذه الجلبة والضجيج الذي اظهرته أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، فان اوكرانيا الضعيفة ستترك تواجه مصيرها بمفردها مع الروس، ولن يجرؤ الأمريكان والاوربيين على إطلاق رصاصة واحدة من بندقية بيد جندي يتبع جيش احدهما، لكن حين غزا العراق القوي الكويت الضعيفة، حركت الولايات المتحدة الأمريكية الاقوى منه جيشها وساندتها دول اوربية عديدة فاخرجت العراق من الكويت ثم غزته لاحقا، فما  الذي منع الأمريكان والاوربيين اليوم ان يقومون بالفعل ذاته مع الروس الذين يغزون أوكرانيا؟  انها القوة.
الأقوياء ايضا هم من يسن القوانين والاحكام والمعايير الدولية التي يجب ان يحتكم إليها العالم، لهذا فقد منح الاقويا أنفسهم حقوقا لم يمنحوها لغيرهم، منحوا أنفسهم حق النقض الفيتو الذي يبطل اي قرار يتخذ في مؤسسة دولية هي مجلس الأمن، حتى وان كان مصادق عليه من جميع الدول الاعضاء فاسموه حقا وهو باطل، اجاز الاقويا لانفسهم صناعة وامتلاك السلاح النووي، وحرموه على غيرهم، واسموا ذلك حفظا للأمن والسلام الدوليين، فيما الحقيقه انه حفاظا على استمرار هيمنتهم على العالم، وضع الأقوياء المصطلحات والمبررات التي بها يمنحون انفسهم حق الغزو للدول والشعوب الأضعف منهم ، مثل مصطلحات (الأمن القومي، المجال الحيوي، المصالح الحيوية)وغيرها من من المصطلحات التي تعرضت بسببها دول للغزو والاحتلال او للسيطرة والوصاية المباشرة وغير المباشرة، فحين يجاور ضعيف او مجموعة من الضعفاء قويا، فما هم سوى مجالا حيويا لذلك القوي، عليهم ان يسيرون مع النسق العام الذي يسير عليه هو والا تعرضوا للغزو او العقاب، وهكذا تتصرف الولايات المتحدة مع دول أمريكا الوسطى والجنوبية، وروسيا مع الدول التي استقلت عن سلطانها الذي فرض عليها ذات يوم قوة وقهرا، وهكذا تتصرف دول مع دول أخرى أقل منها في القوة والتأثير، مثلما تفعل السعودية مع دول الخليج واليمن، أو إيران مع العراق في وقتنا الحاضر، أو سوريا مع لبنان في وقت سابق. ليس هذا فحسب، بل ان المجال الحيوي عند الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية يمتد إلى مناطق بعيدة عن حدودها بالاف الأميال إلى حيث توجد مصالحها الحيوية، وبالتالي، فهي تجيز لنفسها حق التدخل في تلك المناطق اذا ما وجدت ان هناك ما يضر بتلك المصالح، كما فعلت في غزوها للعراق وأفغانستان، أو كما فعل الاتحاد السوفيتي سابقا في أفغانستان، وحاليا روسيا في سوريا، ويسمي الأقوياء هذا النوع من الغزو أو التدخل حق حماية المصالح الحيوية للدولة، يسمونه حقا وهو باطل. 
ويضع الاقويا ويختار من  القوانين والأعراف التي تناسبهم وتتفق مع مصالحهم، فالممرات الإستراتيجية التي تقع ضمن المياه الاقليمية للدول الضعيفة هي ممرات دولية تخضع لمبدأ المرور الحر مثل المضايق التي يشرف عليها العرب(باب المندب، جبل طارق، هرمز )، في حين يتصرفون في الممرات والمياه التي تحاذي دولهم بأنها مياه إقليمية حق السيادة عليها هي لهم وحدهم دون غيرهم من الشعوب والدول، ويطلقون على هذه القواعد التي يفرضونها... بالقوانين والأعراف الدولية، والحقيقة انها قوانين وأعراف الاقوياء  المفروضة على الضعفاء. 
أننا في عالم تحكمه القوة، في عالم لا يحترم الا القوة، في عالم تركزت به كل مقومات القوة بيد فئة بسيطة من سكان الارض صارت هي المتحكمة في مصير البشرية، والى هذه الفئة تنتمي أقطاب ومراكز الصراع الدولي لأجل الهيمنة والنفوذ، فإن اتفقت تقاسمت حق الضعفاء، وأن اختلفت وتصارعت كان ضحيتها وغنيمتها هم الضعفاء.  

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر