هل كانت اليمن بحاجة للوحدة فعلا؟

هل كانت اليمن بحاجة للوحدة فعلا؟

قبل 9 سنوات

 

 

هل كانت اليمن بحاجة فعلا إلى قيام  وحدة  اندماجية بين شطريها الشمالي والجنوبي ؟ وهل  يبدو هذا البلد  بكيانه المشطر والممزق  اليوم أكثر وحدة من الماضي الذي سبق إعلان قيام دولته الموحدة في 22 مايو(أيار) 1990م؟

 يعتقد كثير من الجنوبيين اليوم ،إن الوحدة لم تكن حاجة ملحة بل يعدونها خطأ تاريخيا ،لابد من إصلاحه ،فيما يذهب آخرون إلى اعتبارها درسا يعتقدون أنهم كانوا في حاجة إليه ،لفهم حقيقة إن  الوحدة القومية العربية لم تكن سوى وهما ، لا يقل عن وهم  العمل على الانتقال إلى أعلى مراحل  الاشتراكية  الذي حاول الحزب الاشتراكي اليمني فرضه عليهم سابقا، في بلد يعاني التخلف والأمية ،وهي أيضا درس مهم لإدراك حقيقة إن ما يصلح كشعارات تعلق على واجهات المكاتب الحكومية أو يرددها طلبة المدارس والجامعات لا تصلح بالضرورة للتطبيق على الواقع.

شماليو اليمن ورغم تمسكهم بالوحدة ،لاعتبارات الأرض الشاسعة، والثروة الغنية ،الواقعة في الجنوب الذي لا يتجاوز سكانه خمسة ملايين نسمة ، قبل التمسك بالوحدة مع الإنسان الجنوبي  ذاته ،رغم الروابط الاجتماعية  العميقة بين أبناء الشطرين ، إلا أنهم أيضا لا يخفون إن هذه الوحدة التي يعتبرونها خطا أحمر، ويرفعون لأجلها شعار الوحدة أو الموت في مواجهة المطالب الجنوبية بفك الارتباط ،هي اليوم أضعف عما كانت عليه قبل قيامها ،فاليمن في نظرهم كانت قبل وحدتها شعب واحد في دولتين لكنها صارت اليوم شعبين في دولة مهلهلة.

 يسود اقتناع كبير لدى معظم الجنوبيين إن نموذج الوحدة الحالي  مع الشمال، قدم صورة مشوهة عن مشروع الحلم العربي أو الإسلامي بفعل ممارسات الظلم والسلب والجشع اللامتناهي الذي كان الجنوب مسرحه  وكان المتنفذون من المسئولين والمشايخ والقادة العسكريين الشماليين هم أبطاله ،لذلك كانت انتفاضتهم شاملة في وجه قادة هذه الوحدة، بما فيهم الجنوبيين القائمين على شأن صنعاء اليوم مرددين شعارهم ذائع الصيت في الشارع اليوم (أقسمنا بالله أقسمنا ..صنعاء لا يمكن تحكمنا).

  لم يعد هناك اليوم ما يشير إلى أدنى أمل في إمكانية بقاء الوحدة اليمنية بشكلها الاندماجي الحالي ،بل إن استمرارها لن يكون سوى عاملا إضافيا لتمزيق عرى الروابط بين اليمنيين في الشمال والجنوب ،وربما سببا لحروب وصراعات أهلية لن تنتهي بعودة شطري اليمن السابقين ،وإنما بتمزيقه إلى أكثر من شطر خاصة في ظل الأوضاع المحتقنة في مناطق الوسط التي تنتمي إلى الشمال .

الوحدة اليمنية خاصة بالنسبة للجنوبيين انتهت هذا ما ينبغي التسليم به ،كما إن حلول تقسيم البلاد إلى دولة اتحادية من ستة أقاليم والتي خرج بها مؤتمر حوار اليمنيين الذي اختتم أعماله في يناير (كانون ثاني) الماضي لم يحظ بأي إجماع سياسي أو شعبي لاعتبارات عديدة ،رغم الترويج الإعلامي الضخم له كمنجز لحل مشكلات اليمن .

وتأسيسا على ذلك فإنه لم يعد أمام اليمن سوى إن تستمع وبمساعدة المجتمع الدولي إلى صوت الشارع والعمل برأيه، ولو لمرة واحدة في تاريخه ،من خلال استفتاء يخير الجنوبيين في الحلول التي يرونها ممكنة للمشكلة القائمة إما البقاء في الوحدة أو الخروج منها وعلى ضوء ذلك إما يحدث التسريح بين الطرفين بإحسان أو إن يتم الحفاظ عليها برضا واقتناع دون الحاجة لرفع شعارات الموت والدم والخط والأحمر.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر