قنوات الإخوان اليمنية.. أدوات حرب على الوعي الجنوبي

قنوات الإخوان اليمنية.. أدوات حرب على الوعي الجنوبي

قبل ساعتين
في خضمّ الصراع السياسي والإعلامي الذي يحيط بالجنوب من كل جانب، يتصاعد دور الإعلام كأداة حاسمة في معركة الوعي وتشكيل الرأي العام. ومع أن الإعلام في جوهره يفترض أن يكون مرآةً للحقيقة، فقد تحول في أيدي بعض الجهات، وتحديدًا جماعة الإخوان اليمنية، إلى سلاح تضليل وانقسام. قنوات مثل بلقيس، سهيل، المهرية، ويمن شباب، لم تعد تمارس الإعلام، بل أصبحت أبواقًا موجهة، تستهدف الجنوب بشكل ممنهج، وبنفس الأدوات التي يستخدمها أعداء الداخل والخارج على حد سواء. ما نشهده اليوم من حملة رقمية تحت وسم #قنوات_اخوانيه_يمنيه_ساقطه ليس مجرد موجة عابرة من الانتقاد، بل هو فعل مقاومة إعلامية متكاملة، تعكس يقظة جنوبية متقدمة، وإدراكًا شعبيًا بأن معركة اليوم لم تعد فقط في الجبهات، بل في ساحات الوعي، حيث الكلمة قد تسبق الرصاصة، والصورة قد تسبق الفعل. إن هذه القنوات التي تدّعي المهنية والموضوعية، تكشف نفسها يومًا بعد آخر كمجرد أدوات لأجندة مشبوهة، تسعى لتشويه الجنوب، وتفكيك نسيجه الاجتماعي، وشيطنة مؤسساته، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات المسلحة الجنوبية، ورموز الدولة الوطنية الحديثة. وهي لا تكتفي بذلك، بل تمضي في فبركة الأحداث، ونشر الإشاعات، وتضخيم الوقائع، لتصنع من الوهم "حقائق" تتداولها منصات ممولة، وجيوش إلكترونية تعمل ليلًا ونهارًا لخلق رأي عام مضلل. نحن هنا لا نواجه إعلامًا عاديًا. نحن نواجه شبكة معقدة من التضليل الإعلامي، تغذّيها رؤوس أموال حزبية وتنظيمات إيديولوجية عابرة للحدود. هذه القنوات تمارس تحريضًا مباشرًا، وتخدم أهدافًا تخريبية تتقاطع بوضوح مع ما تقوم به منصات إعلام الحوثيين والتنظيمات المتطرفة. ثمة تخادم واضح، في الرسائل، والأساليب، والغايات. وهي ظاهرة ليست خفية، بل موثقة بالأدلة، ويمكن لأي متابع فطن أن يلاحظ التناغم بين خطابات "الإخوان" و"الحوثيين في استهداف الجنوب ومشروعه الوطني. ومن هنا، تنبع أهمية الحملة التي أطلقها نشطاء جنوبيون وإعلاميون وكتاب ومثقفون، والهادفة إلى كشف السقوط الأخلاقي والمهني لهذه القنوات. لا يتعلق الأمر فقط بالنقد، بل بالتحليل والتوثيق والتفنيد. فالحرب الإعلامية لا تُهزم بالصراخ، بل تُهزم بالحقائق، والتحقيقات الدقيقة، والردود السريعة، والتوضيحات المستندة إلى مصادر موثوقة، وفوق كل ذلك، بالجمهور الواعي. لذلك، فإن الرهان الحقيقي اليوم، ليس فقط على الحملات الرقمية الموسمية، بل على بناء قاعدة وعي إعلامي دائم، يبدأ من المدارس والجامعات، ويصل إلى كل بيت جنوبي، بحيث يتحول كل مواطن إلى "مرشح وعي"، قادر على التمييز بين الخبر الموثوق والإشاعة المصنوعة، بين القناة المهنية والمنصة المأجورة. ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن نؤسس لثقافة إعلامية بديلة، لا تكتفي بالرد، بل تبادر، لا تلاحق الأحداث، بل تصنعها. إعلام جنوبي يحمل همّ الوطن، ويتحدث بلغة الانتماء، ويحترم أخلاقيات المهنة، وينطلق من الميدان، لا من أوهام المكاتب الحزبية. إعلام لا يُدار من الدوحة أو إسطنبول، بل ينبض من عدن ولحج والمكلا وسقطرى وكل شبر من أرض الجنوب. لقد أثبتت التجارب أن قنوات الإخوان اليمنية، رغم ما تملكه من إمكانيات، تفقد يومًا بعد يوم ثقة الجمهور، ليس فقط بسبب انحيازها، بل بسبب افتقارها لأدنى معايير المهنية. كلما نشرت خبرًا كاذبًا، خسرت جمهورًا. وكلما لجأت إلى التحريض، كسبنا وعيًا جديدًا لدى الناس. الحقيقة لا تهزم، ولو تأخرت، والتضليل لا يصمد، ولو صرخ. إن قنوات مثل بلقيس وسهيل والمهرية ويمن شباب، ليست إلا نسخًا مختلفة لخطاب واحد، جوهره الكراهية والتحريض، وأداته الفبركة. وإذا لم يتم فضحها بشكل ممنهج، وتوثيق أخطائها، وتحليل محتواها، فستظل تجد من يصدقها، ويقع في فخاخها. ولذلك، فإن بناء منصات رصد وتدقيق وتحليل محتوى إعلامي يجب أن يكون من أولويات العمل الوطني الجنوبي. كما أن من الضروري دعم الإعلام الجنوبي الحر، مثل قناة عدن المستقلة، وغيرها من المنصات الجنوبية التي تثبت يومًا بعد آخر التزامها بخط وطني واضح، قائم على الشفافية والمهنية والانتماء. هذه المنصات لا تحتاج فقط إلى الدعم المادي، بل أيضًا إلى الدعم المعنوي والجماهيري، لأنها تمثل صوت الجنوب في معركة الحقيقة. في الختام، إن معركتنا مع قنوات الإخوان اليمنية هي معركة وعي وهوية وكرامة. وهي معركة لن تُحسم بيوم ولا بحملة، بل تحتاج إلى جهد مستمر، وتعاون جماعي، وإيمان عميق بأن الكلمة قادرة على صناعة التغيير، تمامًا كما تصنعه البندقية في ميدان القتال. لقد سقطت تلك القنوات أخلاقيًا ومهنيًا، ولم يتبقَ لها سوى كذبة تلو كذبة، وإثارة بعد أخرى، لكنها ستسقط حتمًا في وعي الشعوب. والجنوب، بكل أطيافه، أعلن أنه لم يعد مكانًا للتضليل، ولا ساحة للتلاعب، بل هو وطن يكتب تاريخه بيده، وينتصر بوعيه، ويقف شامخًا أمام كل الحملات، لأن الحقيقة أقوى، وأبقى، وأنقى. . أصيل هاشم

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر