من يسمع النقابات؟

من يسمع النقابات؟

قبل يوم
التحالف العربي الذي يدير البلاد من الخارج، ومجلس القيادة الرئاسي الذي يمسك بالواجهة، والحكومة التي يفترض أنها تمثل مصالح الناس، لم تزل آذان من ذكرناهم صماً، وعيونهم عمياً، وألسنتهم بكماً عن واقع الحال الذي يعيشه الأكاديمي في الجامعات، والمعلم في مدارس التعليم العام في هذا البلد. خمسة أشهر منذ أن أعلنت نقابة الجامعات، وقبلها نقابة المعلمين الجنوبيين، إضرابها الشامل، الإضراب الذي لم يكن للفت الانتباه، ولا سعياً لمكاسب، ولا بحثاً عن ضوء، بل لأننا نختنق بصمت لم يعد يحتمل، أعلنا الإضراب باسم رواد وحملة مشاعل العلم، أولئك الذين يقفون كل صباح ليؤدوا واجبهم، رغم أن الحياة أصبحت أقسى من طاقتهم. فنحن في النقابات لم نأت من فراغ، نحن من بين الناس، ومن صوتهم، ومن وجعهم، نحمل مطالب ليست سياسية، ولا فئوية، بل إنسانية وواقعية، ومع ذلك، لا أحد يسمع صوتنا، ولا أحد يرد، ولا أحد يفسر لماذا كل هذا التجاهل. نعرف ونعترف أن التحالف هو من يتحكم بالملف العام ويمسك بخيوط القرار في أغلب التفاصيل، وهنا نطرح السؤال الصريح: إذا كنتم أنتم من تمسكون بزمام القرار، فلماذا لا تنقذون هذا البلد الذي ينهار؟ لماذا لا ترون حجم الأزمة التي نخنق بها كل يوم؟ هل هذا الصمت يعني أن معاناة الناس غير مرئية لكم؟ أم أن هناك من يرى ويعلم ويتعمد ألا يستجيب؟ أما مجلس القيادة والحكومة، فمسؤوليتهما أكبر مما يفعلان، إذا كنتم تملكون السلطة، فعليكم أن ترفعوا صوتكم أمام التحالف إن كان هو السبب، وإن كنتم تعرفون أين الخلل ولم تتحدثوا، فأنتم شركاء فيه، بالصمت، أو بالعجز، أو بالتغاضي. ولا تكرروا أن الوضع صعب، فنحن نعرف أنه صعب، لكن ما لا نفهمه هو: لماذا لا يفعل من بيده الأمر شيئا لتغييره؟ هل تعتقدون أن الأكاديمي سيبقى صامتاً إلى ما لا نهاية؟ هل تظنون أن سكوتكم سيجبر المعلم في التعليم الأساسي على الاستمرار في تأدية عمله مجانا، وهو يرى أبناءه يعودون من المدارس بلا وجبة، ولا كراسة؟ هل تتوقعون أن النقابات ستبقى تكتب وتنتظر ولا تفعل؟ نحن نعاتب، لكننا نحذر أيضاً من حالة الانفصال الخطير بين صانع القرار وواقع الناس، البلد لا يحتمل المزيد من التجاهل، ولا الشارع سيبقى هادئا إذا لم يجد أذنا تصغي، أو سلطة تحمي حقوقه، فيا دول التحالف التي تمسك بزمام القرار، إن لم تنقذوا هذا الشعب، فأنتم تحاسبون عن وجعه ويا مجلس القيادة، ويا حكومة تدعي أنها تمثلنا، إن لم تواجهوا من يعرقل مصالح الناس، فأنتم تفرطون بالثقة، والواجب، والشرعية معاً نحن لسنا خصوماً، لكننا لن نقبل أن نكون صدى لقرارات لا تلامس وجعنا، ولا غطاء لعجز لا نعذر فيه أحدا ما نطلبه ليس أكثر من حياة بكرامة، فرجاء، لا تستكثروا علينا حتى الحق في أن نُسمع فنحن في النقابات لا نبحث عن صدام، ولا نرغب في تأزيم، لكننا أيضا لا نقبل أن تهمش أصواتنا، أو تُختزل مطالبنا في بيانات باردة، أو وعود مؤجلة ما نريده واضح وهو حوار مباشر، جاد، ومسؤول، يجمع ممثلي النقابات بقيادة الدولة، ويضع التحالف أمام مسؤولياته نريد طاولة حقيقية، لا طاولة مجاملة، نعرض فيها الواقع كما هو، ويقال فيها للناس ما يمكن وما لا يمكن، بصراحة لا بمراوغة، فإن كنتم جادين في إنقاذ ما تبقى، افتحوا الباب، أنصتوا للناس، واجلسوا إلى من يمثلهم. فمن لا يسمع الصوت الهادئ اليوم، قد لا يملك غداً مفراً أمام الصراخ.

التعليقات

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر