خواطر على هامش الحرب في اليمن وأوكراينا(2)

خواطر على هامش الحرب في اليمن وأوكراينا(2)

قبل سنتين

4

 

كل الذين عاصروا زمن الاتحاد السوفييتي ومراحل الحرب الباردة وما سبقها وما واكبها من صراع المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي إلى ما قبل وما بعد هزيمة النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية، يعلمون أن القوات المسلحة الأوكراينية لم تكن سوى جزءٍ من الجيش الأحمر السوفييتي ذي التاريخ العريق في حروب هزيمة النازية والفاشية وفي حماية جمهوريات الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية بعد تحريرها من النازية، وبالتالي فالحرب اليوم هي حرب بين جيشين كانا ذات يوم جيشاً واحداً مع الإقرار بالافتراق الذي جرى من حيث تطور التكنولوجيا العسكرية وتوارث الأجيال في الجيشين والشحن القومي والشوفيني الذي رافق ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي واستقلال الجمهوريات السوفييتية السابقة ومنها أوكراينا وذلك واحدٌ من تعقيدات الحرب الراهنة التي تغيب عن اعتبار الكثير من المحللين والمتابعين.

 

5

 

والآن نعود إلى السؤال:

 

لماذا صمدت أوكراينا وشعبها قليل السكان وجيشها ضعيف العدة والعتاد نسبيا أمام واحد من أعظم جيوش العالم وأكثرها كفاءةً وخبرة وأقواها عقيدة قتالية، ولماذا هزمت الشرعية اليمنية بجيوشها وفيالقها وأجهزتها الأمنية متعددة الأسماء والوظائف أمام مجموعة من الصبية المقاتلين الذين لا علاقة لهم بفن العسكرة وعلومها سوى أنهم يجيدون القتال والقتل؟

 

6

 

قلت في خاطرة سابقة إنني لا أميل إلى تقدير شخص الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ولست معجبا به على الإطلاق وأوضحت السبب، لكن هناك أمر لا بد من الإقرار به عند هذا الرجل، وهو إنه قد لا يكون عسكريا ولا مقاتلاً محترفاً، لكنه أبى أن يغادر أوكرانيا رغم العروض التي قدمت له من أكثر من دولة أوروبية لضمان تأمين مغادرته كييف وأوكرانيا، وقرر البقاء وسط شعبه وفي قيادة جيشه وقد خلق قراره هذا وإطلالاته المتلفزة اليومية وأحيانا أكثر من مرة في اليوم الواحد، خلق روحاً معنوية عالية لدى الشعب والجيش الأوكراينيين، بينما فرَّ قادة اليمن وتجربة بعضهم العسكرية تتجازو نصف القرن، فرَّوا هاربين قبل أن تبدأ الحرب وقبل أن يعلن الحوثي انقلابه وقصة طريقة هروب كل واحد منهم معروفة للجميع.

 

وهذا هو الفرق بين المعنوية التي يصنعها صمود قائد البلاد (سيئا كان أم جيداً ) والهروب الجماعي لقادة البلد الذي يخلق الإحباط واليأس وفي أقل الحالات اللامبالاة لدى عامة الشعب ومعهم الجيش (إن كان هناك جيشاً في الأصل)، إذ كيف تطلب من شعب أن يقاوم ويتطوع للفداء والدفاع عن الوطن وأنت القائد فررت هاربا لتعيش في منتجع لا تلامس فيه الشمس بدنك إلا عندما تمارس هذا كنوع من الاستجمام والترفيه أو عند نصيحة الطبيب لك للتحلص من البكتيريا التي تتولد في جسمك نتيجة لجلوسك الدائم تحت مكيف الفندق.

 

وباختصار لقد بقي الرئيس الضعيف أمام الجيش الروسي الجرار وهرب القادة الأقويا الشرعيين من مواجهة الانقلابيين الضعفاء وتلك هي المفارقة الغرائبية عند مقارنة الحربين ببعضهما.

 

وللحديث بقية

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر