أيها المنغصون

أيها المنغصون

قبل سنتين

اصدقائي..

البارحة حين فوز فريقنا للناشئين في "نهائي كأس غرب اسيا لكرة القدم" جميعنا حلقنا في الوهج، عشنا لحظات قطيعة مع مشهد واقعنا السوداوي، لم يكدرها سوى التوظيف السياسي الممجوج من قبل البعض، واستدعائه شعارات ماحلة، وانكاره وجود واقع جنوبي جديد، وقفزه على وجع اكثر من نصف قرن لن تدمله لحظات ولو كانت شاهقة في بهجتها.

 

هؤلاء الذين استدعوا شعاراتهم المستفزه كأنما استكثروا على البسطاء جنوبا وشمالا ان يعيشوا لحظة فارقة تجمعهم خارج مشاهد فجائع معاشهم اليومي.

 

أيها المنغصون:

لا خلاف أن البارحة كل الشعب كان فرحا جنوبا وشمالا. وان السبب الاهم لجمع فرحتهما معا، البحث عن فرصة فرح وسط المعاناة ذات المصدر المشترك.

وعدا عن هذا السبب، لا يمكن تجاوز حقيقة ان دوافع فرحتيهما ليست واحدة ولا متماثلة،

وتباين الدوافع مبعثه واقع لا يمكن تزييفه أو التلاعب بحقائقه.من ذلك ان:

-الجنوبيون تضاعف فرحهم لأن اغلب لاعبي الفريق ومدربه الذين حققوا هذا النصر غير المسبوق جنوبيين.

-بينما الشماليين فرحوا لأنه مثلا: لم يسمح برفع علم الجنوب في المباراة!

-لأن أسم اليمن كان رسميا هو الموصوف.

 

أيها المنغصون:

الأمر في الجنوب فيما يتعلق بالانفصال والوحدة له وقع مختلف وحساسية تشبه غرز نصل في جرح مازال مفتوحا. لماذا تشبون اوار الحرائق بين البسطاء الفرحين شمالا وجنوبا، بين المبتهجين بالنصر اليتيم الذي قد لا تتكرر لحظته.

وتأكيد للبديهي: الناس البسطاء أقصد في الشمال لو تركوا بدون تعبئة السياسيين فأن آخر همهم ننفصل أو نتوحد .

 

ان المواطن الشمالي البسيط الذي يقوم "المنغصون" باستغلال مشاعره لنفخ أبواقهم المزعجة وتوظيفها لمشاريع ولاءاتهم ومصالحهم السياسية والحزبية، هذا المواطن لو تتحقق له دولة على ارضه تمنحه كرامة وعزة واستقرار لن يتمسك بالوحدة ولن يفكر ب"الجنوب" إلا كجار شقيق يروم اواصر الود معه مع حفظ احترام وخصوصية وسيادة كل منهما.

ايها الممعنون في استفزازهم: لا تقاس الأمور بحوادثها العرضية، ولا يقيم مشهد على لحظة خارج سياقه.

بل ان ما حدث أمس أثبت بما لا يترك فرصة للمراجعة بان الوحدة السياسية والادارية فاشلة، وأصبحت من ماض لا يليق بلحظات الفرح، وأن مشهديتها لا تبعث في النفس إلا شريط من الألم والكآبة، وبأنها أصبحت مقبورة ويجب ان يتجاوزها الحاضر.

 

وللحريصين ذوي الضمير المتعاف: إذ حقا نريد فرحة مستدامة للشعب في الجنوب والشمال اللذين ذاقا صنوف من المرارات، علينا ان نفكر خارج صندوق "الوحدة" السياسية والادارية، والبحث عن نوع من التعاون والمساحات المشتركة التي تحفظ الوشائج والود والأخوة بين الاشقاء.

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر