القوة العسكرية بلا جدوى أمام المتظاهرين العزل

القوة العسكرية بلا جدوى أمام المتظاهرين العزل

قبل 9 سنوات
نجح أنصار الله في الكثير من المعارك العسكرية التي خاضوها، وهزموا أعتى مراكز النفوذ والقوة التي حكمت اليمن، وحققوا انتصارات لم يكن يتصورها أحد، ونمى جناحهم الأمني والعسكري وأصبح أقوى من الجيش والأمن اليمني الرسمي بكل معداته وأسلحته وأجهزته الاستخبارية.
القوة تنجح في مواجهة القوة، والسلاح ينجح في مواجهة السلاح، لكن القوة تتكسر أمام عشرة متظاهرين سلميين وتصبح عاجزة وعبء كبير على أصحابها، مظاهرات بعض طلاب جامعة صنعاء الذين لم يتجاوز عددهم العشرات كشفت لأنصار الله ما قلناه لهم أكثر من مرة من أن القوة لا قيمة لها في مواجهة الاحتجاجات الشعبية السلمية، وأن عشرة متظاهرين سلميين أقوى من فرقة علي محسن الأحمر التي تعد بعشرات الآلاف.
قمع المظاهرات من قبل السلطة الرسمية يدفع الكثيرين للخروج للتظاهر، فكيف إذا كان هذا القمع موجة من طرف سياسي لا شرعية لوجوده الأمني والعسكري، بالتأكيد فانه يثير حساسية أعلى بكثير لدى مختلف التيارات الشعبية وأتباع الأحزاب السياسية من قمع السلطات الرسمية ويدفع بالآلاف للشعور بأن عليهم واجب للخروج للتظاهر، ومن هنا أتوقع أن يتزايد أعداد المتظاهرين وتصبح المظاهرات ككرة الثلج التي تكبر باستمرار كلما تدحرجت.
الضجيج الإعلامي لا يكون فاعلاً بشكل أساسي في المعارك العسكرية، لكن له فاعلية كبيرة عندما يرتبط بمظاهرات وتحركات شعبية سلمية على الأرض، لأنه يصنع من المتظاهرين أبطالاً في مواجهة قوة عسكرية، ويدفع الكثير للخروج ليكونوا جزء من هذه البطولات التي تبدأ على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ثم تنقل الى المواقع الإخبارية والصحف اليومية والتلفزيونات، وعندها يتحول هذا الضجيج الى واقع ملموس على الأرض بتزايد أعداد المتظاهرين.
أما اذا ما أضفنا الى هذه التحركات غطاء سياسي من قوى وأحزاب موجوده على الأرض شعرت أنها أصبحت على هامش الأحداث، فإننا أمام تحرك شعبي ينبغي الالتفاف له وعدم التعامل معه كضجيج أو مجموعة من المشاغبين، وصم الآذان عن هذه التحركات وعدم التعامل معها بجدية سيحولها الى ما يشبه الثورة الشعبية وبالأخص عندما تبدأ الأموال بالوصول الى الساحات وينكسر حاجز الخوف لدى الكثيرين.
لا تزال الفرصة سانحة أمام أنصار الله للخروج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه عبر الحوار الجدي مع مختلف القوى السياسية والاتفاق سريعاً على أسس واضحة لشراكة وطنية حقيقية في إدارة المرحلة الانتقالية الحالية وتعزيز مؤسسات الدولة ودمج عناصرهم الأمنية فيها لينتهي تواجدهم العسكري والأمني على الأرض والذي يكلفهم الكثير بسبب الاحتكاك المباشر بالمواطن.
أما اذا تورط الأنصار في قمع المظاهرات عبر استخدام العنف المفرط ولو عبر أجهزة الأمن الرسمية وأدى ذلك الى قتلى وجرحى فإننا سنكون أمام كارثة حقيقية قد توجه ضربة شديدة وخطرة الى الحركة وستهز مصداقيتها لدى الكثير حتى من محبيها والمتعاطفين معها، لذا أحذر الأنصار ومن الآن أن هكذا سيناريو سيكون كارثياً عليكم.
أعتقد أن الأطراف السياسية الأخرى ستسعى الى عرقلة أي تسوية ليستمر نزيف أنصار الله على المستوى الشعبي وليستمر التحريض عليهم، وعليهم بالمقابل إعادة رسم خارطة تحالفاتهم مع القوى السياسية الوطنية مثل الحزب الاشتراكي والأحزاب التي لا مشكلة طائفية أو مناطقية أو مذهبية مع أنصار الله، ومحاولة كسب هذه الأحزاب عبر اظهار حسن نية أنصار الله وتقديمهم لتنازلات على الأرض بالاتفاق مع تلك الأحزاب لكي تساندهم في حال استمرت الأحزاب والجهات الأخرى في مناكفاتها السياسية وسعيها لإفشال أية تسوية.
لذا على أنصار الله ترميم علاقتهم بالحزب الاشتراكي وبقية الأحزاب الوطنية الغير مؤدلجة دينياً لتكون هي الحكم بينهم وبين الجهات والأحزاب ذات الطابع الديني، وأعتقد أن ما حصل من فتور بين أنصار الله والاشتراكي بسبب احتجاز ومحاصرة منزل الوزير محمد المخلافي يمكن معالجته.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر