الحياة الخاصة

الحياة الخاصة

قبل ساعتين
الحياة الخاصة

نصر محمد الشعيبي

احترام الحياة الخاصة من المبادئ الثابتة للأشخاص وحريتهم بحجب حياتهم عن العلانية وعدم التعدي عليها أو انتهاكها أو التطفل عليها ونشرها على المواقع الرقمية، التعدي على حياة الأشخاص ومراقبتها أصبحت اليوم من المشكلات التي باتت تؤرق المجتمعات وما تخلفه من اضرار أدبية ومادية على الأشخاص أن مراقبة الأشخاص تستهدف حياة الأفراد الخاصة بشكل مباشر وتمس كرامتهم ومشاعرهم، مما تسبب حالة من الاكتئاب الداخلي والضرر النفسي التي قد تؤدي إلى تدمير التكوين العائلي والمجتمعي، ففي ظل توسع البرامج الرقمية، أصبحت حياة الانسان الخاصة مهددة بانتهاك خصوصيته والتطفل عليها من قبل ضعفاء النفوس وإشاعتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهذا الإشاعات قد تستهدف أشخاص اعتباريين أو اشخاص طبيعيين. تصدى قانون دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه الظواهر وحدد العقوبات المقررة لكل من يعتدي على حرمة الحياة الخاصة والتنصت عليها في كل من قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية الإماراتي رقم (34) لسنة 2021، بشأن الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، إذا تم ارتكاب الجريمة بإحدى الوسائل الإلكترونية أو وسائل تقنية المعلومات، حيث ورد في نص المادة(44) من القانون ذاته على " معاقبة من يقوم بالاعتداء على الحياة الخصوصية، بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر، والغرامة بما لا يقل عن 150,000 مائة وخمسين ألف درهم ولا يزيد عن 500,000 خمسمائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال تم الاعتداء على حياة لخصوصية باستراق السمع، أو اعتراض تسجيل ،أو التقاط صور للغير، أو نشر أخبار وصور إلكترونية عبر وسائل تقنية المعلومات، مع تشديد تلك العقوبة لتصل إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنة، والغرامة من 250,000 مائتين وخمسين ألف درهم إلى 500,000 خمسمائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، على كل من استخدم الأنظمة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لتعديل، أو معالجة تسجيل أو صورة أو مشهد قاصداً منه التشهير والإساءة إلى الآخرين. تعمل هذه المواقع الرقمية على إظهار سلبيات الأشخاص والتعدي على خصوصياهم وجعلها عرضة للانتهاك، من خلال الدخول غير المشروع على الأجهزة الإلكترونية بغية الحصول على صور أو محادثات يستغلها ضعفاء النفوس في استغلال أصحابها وتهديد حياتهم الخاصة، ففي حادثة حصلت داخل المجتمع الخليجي بأن قام شخص بتأسيس موقع إلكتروني ونشر صورة لإحدى الفتيات وهي مجردة من الملابس وكانت برفقة صديقها بعد ان تسلل إلى جهازها الشخصي، وساومها لإقامة علاقة جنسية معه، إلا ان الفتاة رفضت عرض الشخص المبتز، وقام بتهديدها ان لم توافق على ممارسة الجنس معه سيقوم بنشر الصور على الموقع الإلكتروني، وعلى آثر ذلك قام بنشر تلك الصور على موقع الانترنت ووزع الصور على عدد من المنتديات وقوائم البريد الإلكتروني، مما نتج عن هذا فضيحة الفتاة بين أهلها ومعارفها، أدى إلى انتحارها.. أما في حال كانت جريمة انتهاك الخصوصية قد تمت بإحدى الوسائل التقليدية، كالتنصت على المحادثات وتسجيلها عن طريق الهاتف النقال أو أي وسيلة أخرى، فأنها ستخضع بهذه الحالة إلى قانون العقوبات الإماراتي الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (31) لعام 2021.حيث نصت المادة (431) من القانون، على "معاقبة من يعتدي على حرمة الحياة الخاصة أو الحياة العائلية للأفراد بالحبس والغرامة، مع تشديد تلك العقوبة لتصل إلى الحبس لمدة لا تزيد على سبع سنوات والغرامة، في حال تم ارتكاب ذلك الفعل من قبل موظف عام، تخوله وظيفته بالاطلاع على أسرار الحياة الخاصة بالآخرين. وبهذا نرى أن الحياة الخاصة تعد من أهم الموضوعات التي يجب حمايتها القانونية وعدم التعدي عليها أو مراقبتها أو إشاعتها للناس دون موافقة أصحابها وبإرادتهم الحرة، لكونها تعد من الجرائم الماسة بالخصوصية ويعاملها القانون بصرامة كبيرة في ظل هذا الفضاء الواسع للتقنيات الحديثة. نصر محمد الشعيبي" باحث قانوني رئيسي

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر