الأمين برس

2025-11-27 00:00:00

عدن على خط التحول.. المؤتمر الوطني للطاقة يرسم ملامح مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية للبلاد

اخبار وتقارير
2025-11-26 22:27:16

يعدّ المؤتمر الوطني الأول للطاقة المنعقد في العاصمة الجنوبية عدن محطة تاريخية في مسار الإصلاح الاقتصادي وإعادة بناء قطاع الطاقة في بلادنا، وهو خطوة تأتي بعد عقود من التدهور الذي أصاب هذا القطاع الحيوي نتيجة الحروب المتعاقبة، وسياسات العبث والإهمال التي مورست خلال فترات تقاسم السلطة، وما تخللها من فساد منهجي أسهم في نسف البنية التحتية وخنق أي فرص حقيقية للتنمية. اليوم، تتحول عدن إلى مركز وطني لصياغة مستقبل الطاقة، مستندة إلى رؤية سياسية واضحة وجهود متواصلة بذلها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي عمل على تهيئة الظروف الملائمة لانعقاد هذا المؤتمر الرفيع المستوى، وإعادته إلى مسار العمل المؤسسي الذي افتقدته البلاد لسنوات طويلة.

يحمل المؤتمر الوطني الأول للطاقة في عدن أهمية استثنائية، باعتباره أول منصة رسمية تجمع مؤسسات الحكومة والمانحين الدوليين والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني تحت سقف واحد، بهدف إرساء نهج مؤسسي متكامل يضع الطاقة في قلب عملية التعافي الاقتصادي. ويعكس هذا الحضور الدولي والإقليمي، إضافة إلى المشاركة الواسعة للأكاديميين والمبادرات الشبابية والمبتكرين، إدراكًا متزايدًا بأن مستقبل البلاد يبدأ من إصلاح هذا القطاع، وأن الجنوب بات اليوم أكثر جاهزية لقيادة التحول نحو حلول مستدامة وواقعية.

المؤتمر لم يأتِ كفعالية عابرة بقدر ما يمثل انطلاقة نحو رؤية وطنية للطاقة حتى عام 2035، من خلال إطلاق “العهد الوطني للطاقة”، وهي وثيقة استراتيجية مشتركة تحدد أولويات الإصلاح، ومعايير الحوكمة، ومسارات الاستثمار، بما يضع البلاد على طريق الانتقال نحو طاقة نظيفة وفعّالة وذات كلفة معقولة. وتبرز أهمية هذا التحول في أنه ينسجم مع التجارب الإقليمية والدولية للدول الخارجة من النزاعات، ويضع الأسس لبناء منظومة كهربائية resilient قادرة على الصمود أمام التحديات المتنامية.

ويُعد توفير منصة رسمية للإعلان عن المشاريع الممولة بالمنح والقروض الميسرة أحد أهم مكاسب المؤتمر، إذ يحقق شفافية غير مسبوقة في إدارة التمويل الدولي، ويمنع الازدواجية التي عطّلت مشاريع مهمة لسنوات. كما سيسهم ربط هذه المشاريع بالمخطط الرئيسي للعاصمة عدن، وتوسعات محافظات الجنوب، في ضمان عدالة التوزيع وتوجيه الاستثمار نحو الأولويات الفعلية للمواطنين.

ويأتي الدور الأمني في هذا الحدث ليؤكد صورة الجنوب كبيئة مستقرة قادرة على استضافة الفعاليات الدولية بثقة عالية. فقد نفّذت الأجهزة الأمنية الجنوبية توجيهات الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي بحرفية شديدة، ما وفر أجواء آمنة وموثوقة للوفود المشاركة، وأسهم في تعزيز صورة عدن كعاصمة سياسية واقتصادية آمنة ومفتوحة للاستثمار.

ويُتوقع أن يشكل المؤتمر نقطة انطلاق لشراكات طويلة الأمد بين القطاعين العام والخاص، واستقطاب الاستثمارات الخارجية من خلال آليات حديثة مثل PPP وPPA، إلى جانب تعزيز حلول الطاقة اللامركزية، والشبكات المصغرة، والمشاريع المتجددة التي ستسهم في تحسين الوصول إلى الكهرباء في الحضر والريف على حد سواء، وتخفيف الأعباء على المواطن البسيط عبر حلول عملية قابلة للتنفيذ.

إن انعقاد المؤتمر الوطني الأول للطاقة في عدن يعكس حقيقة أن الجنوب لم يعد ينتظر الحلول، بل يصنعها عبر التخطيط والعمل المؤسسي. لقد انتقل من مرحلة الشعارات إلى مرحلة بناء الدولة، مقدّمًا نموذجًا واضحًا للحوكمة والتنظيم، ومثبتًا للعالم أن لديه القدرة على قيادة مسار التعافي الشامل بوعي ومسؤولية. ومع بدء العمل على رؤية الطاقة حتى 2035، وإطلاق السياسات الوطنية للطاقة والعمل المناخي (NDCs)، تتقدم عدن خطوة أخرى نحو استعادة دورها الطبيعي كمركز وطني للقرار، وتمهيد الطريق لتعافٍ اقتصادي شامل يقوم على الاستدامة والشفافية وتكامل الجهود الوطنية والدولية.

بهذا، يفتح المؤتمر بوابة مرحلة جديدة عنوانها: التخطيط لا الفوضى، والرؤية بدل الارتجال، والعمل المؤسسي بديلًا عن سنوات العبث. إنه إعلان واضح بأن الجنوب قادر على قيادة مستقبله، وأن عدن ماضية نحو مكانة تستحقها على خارطة التنمية والطاقة والاستثمار...

https://www.alameenpress.info/news/54858
You for Information technology