الأمين برس

2025-09-12 00:00:00

الدلالة التراتبية لقرارات الرئيس الزبيدي بين البيان والدعوة

كتابات
2025-09-12 20:12:46

في خضم التطورات السياسية التي تشهدها الساحة الجنوبية، تبرز قرارات الأخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الصادرة في العاشر من سبتمبر ٢٠٢٥م بوصفها نموذجًا لقيادة تتبنى التدرج السياسي والتصرف المؤسسي . واللافت في هذا السياق أن تلك القرارات لم تأتِ ارتجالية أو كرد فعل مباشر لضغوط الشارع، بل سبقتها بيانات رسمية، وتبعتها دعوات منظمة للاحتشاد في شهري أكتوبر ونوفمبر ، الأمر الذي يعكس التزامًا واضحًا بالعملية التراتبية في إدارة المشهد السياسي وذلك على النحو الآتي: اولا :الدلالة التراتبية لتقديم البيان على القرارات: تكمن القيمة الدلالية للبيان في تصدره للمشهد السياسي قبل القرارات والدعوة مما جعله بمثابة تأطير سياسي للموقف العام بهدف تقديم رؤية القيادة تجاه القضايا الساخنة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي لأن البيانات السياسية بطبيعتها تؤدي وظيفة مزدوجة : فهي توجه رسائل للداخل ، وتبني موقفًا محسوبًا تجاه الخارج ومن هذا المنطلق، فإن صدور البيان أولًا يُعد بمثابة خطوة تأسيسية ضرورية، تعكس رغبة القيادة في توضيح موقفها بشفافية قبل الانتقال إلى الإجراءات العملية وبنفس الوقت تكسب القرارات اللاحقة شرعية سياسية. ثانيا :الدلالة التراتبية لإرداف البيان بالقرارات تكمن القيمة الدلالية لعملية إرداف البيان بالقرارات في بروزها كترجمة إجرائية للموقف مشحونة بدلالات قوية فعلت من عملية الانتقال من القول إلى الفعل ومن التنظير إلى التنفيذ مما يدل بأن صدور القرارات في هذا التوقيت لم يأت من فراغ بل بعث برسالة واضحة مفادها أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتعامل مع الأحداث بمنطق الدولة وبأدوات المؤسسات المستدامة وليس بمنطق الشعارات التي تتبعها الحركات المؤقتة والعابرة . لهذا فالقرارات لم تكن فقط تأكيدًا على ما ورد في البيان وحسب بل مثّلت ترجمة فعلية لمقتضيات المرحلة ، بما يعزز من هيبة القرار السياسي الجنوبي ويفتح الباب أمام مرحلة أكثر تنظيمًا من الحراك الوطني. ثالثا : الدلالة التراتبية لاختتام القرارات بالدعوة : في ختام هذا التدرج السياسي، جاءت الدعوة إلى الاحتشاد الجماهيري في ذكرى أكتوبر ونوفمبر كخطوة شعبية تجسد الاعتزاز بالتفويض الشعبي ، وتأكيد الالتفاف الجماهيري حول ما اتُخذ من مواقف وقرارات وهنا تؤدي الجماهير دورها الطبيعي كمصدر للشرعية الميدانية ، لا كأداة ضغط ، وهو ما يعكس نضجًا سياسيًا كبيرًا في إدارة العلاقة بين القيادة والشارع. هذا التسلسل التراتبي المدروس بين (البيان - القرارات - الاحتشاد) يحقق ثلاثة أمور أساسية هي : ١-تحقيق النضج السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي ، بوصفه كيانًا يتحرك بعقل الدولة، لا بعواطف اللحظة. ٢-تحقيق الشرعية المؤسسية للقرارات، حيث لم تُتخذ بناء على ردات فعل شعبية، بل سُوّغت مبدئيًا ببيان أكسبها شرعية سياسية ثم دُعمت شعبيًا بهدف إكسابها شرعية جماهيرية ميدانية كقوة فعلية على الأرض . ٣-تحقيق رسائل متوازنة للداخل والخارج تظهر من خلالها القيادة وهي توازن بين الحزم والتنظيم، وبين التعبئة والانضباط. نستنتج من كل ذلك بأن عملية التراتب في اتخاذ القرارات ليس مجرّد مسألة شكلية ، بل بمثابة مضمون يعكس رؤية سياسية واضحة، ونهجًا قياديًا يحرص على تحقيق الشرعية السياسية في البيان ثم الانتقال إلى الشرعية الإدارية في القرارات التنفيذية على الواقع ثم الشرعية الميدانية من خلال التعامل المسؤول مع الجماهير بشكل متدرج وسلس يتناغم مع تحركات واستجابة الشارع الجنوبي الثائر . وهذه التراتيبية التي التزم بها الأخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، تؤكد بأنه بات يملك مشروعًا سياسيًا متماسكًا، ويتحرك بخطى ثابتة نحو تحقيق تطلعات شعبه، في إطار مؤسسي واعٍ ، لا يخضع لعواصف اللحظة ولا للعواطف الذاتية . * باحث أكاديمي ومحلل سياسي

https://www.alameenpress.info/news/53696
You for Information technology