الاحتراق الذاتي

الاحتراق الذاتي

قبل 7 سنوات
الاحتراق الذاتي

عبدالسلام بن عاطف جابر

أحد كبار تجار الذهب في الخليج له طبيعة عجيبة في إنهاء خدمات كبار الموظفين _الخبراء- الذين يعملون في شركته ؛ فهو يعطي هذا "الخبير" إجازة مفتوحة مدفوعة الراتب حتى لو كان 10،000 دولار ، وحتى لو وصلت المدة سنة كاملة .

 

 

 

والموظف الخبير يكون سعيد بهذا التجميد ، بل يعتبره مكرمة من عمه شيخ الذهب ؛ فيبتعد عن السوق ، ويغرق في السلى واللهو ، ويرفض عروض العمل ، ويرفض عروض الشراكة التي يعرضها عليه تجار كبار وصغار وبعض زملائه في "الكار" . . . ويعتزل زملائه ، وفي أغلب الأحيان لا يرد على اتصالاتهم حتى ينسونه "وهذا كان هدف شيخ الذهب من الإجازة مدفوعة الراتب"

 

 

 

وفجاءةً ؛ يقوم شيخ الذهب بوقف صرف الراتب لهذا الموظف . . . وبعد عدة أشهر يبلغه عن استغنائه عن خدماته . وتبدأ المرحلة الثانية من استراتيجية شيخ الذهب "مرحلة تقطير مستحقات نهاية الخدمة"

 

وكلما طلب الموظف صرف مستحقاته يعطى دفعة منها ؛ والهدف منها عدم منح الموظف فرصة لاستثمار مستحقاته في عمل خاص في مجال الذهب . . . وكما في المرحلة الأولى يحدث في الثانية "قد تمتد إلى سنة كاملة"

 

 

 

ومع نهاية هذه المرحلة يجد صاحبنا "الخبير" نفسه عاجز عن فتح عمل خاص به ؛ ويعود إلى السوق باحثاً عن وظيفة . . . فيتفاجأ أنَّه لم يعد ذلك الخبير الذي يتسابق شيوخ الذهب لتوظيفه والاستفادة من خبراته وقدراته ، ولا ذلك الألمعي الذي يتسابق التجار الكبار والصغار على مشاركته .

 

 

 

بل تكون الصدمة الكبرى لصاحبنا الخبير عندما يجد أغلب العاملين في سوق الذهب قد نسيوه ولايعرفونه .

 

ومن يعرفه يتجاهله .... ومنهم من يقول له (جرينا وراك لما كنت نخلة والبلح فوقك) بمعنى ؛ جرينا وراك عندما كانت المصلحة متبادلة "نستفيد منك وتستفيد منا ونخدم المجتمع بتعاوننا" أما اليوم فقد أصبحت عالة على المجتمع ، والكثير لم يعد يثق فيك ، ومساعدتك خسارة لنا ولن يستفيد المجتمع منك . . . وكما أعطيتنا ظهرك في الأمس نعطيك أحذيتنا اليوم .

 

 

 

كذلك في سوق السياسة ؛ يقع الكثير من القيادات كما وقع صاحبنا خبير الذهب فيخدعهم شيخ السلطة كما فعل شيخ الذهب ؛ فيغترون بالسلطة ويعطون ظهورهم لمن كانوا شركاء في صناعة الفرصة التي أوصلتهم إلى السلطة .

 

ومع مرور الوقت يحترقون احتراق بطيء ؛ احتراق ذاتي لا يشترك فيه أحد . . . وعندما يقرر شيخ السياسة اصدار قرار نهاية الخدمة ؛ يبحثون عن رفاقهم ويطلبون مساعدتهم فيكون الرد عليهم كما قال القعيطي ؛

 

قال القعيطي حاجتي من صاحبي

 

     كسب المخوة خير من دحراجها

 

ذي ما كسب له اصحاب وقت العافية

 

     يدور حذاها وقت ما يحتاجها

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر