لماذا تخليتم عن عدن؟

لماذا تخليتم عن عدن؟

قبل 9 سنوات
لماذا تخليتم عن عدن؟

ليندا محمد علي

  فجأة وبلا أدنى مقدمات تخلى كل المنتفعين من عدن عن هذه المدينة المنفتحة التي استوعبت بين ثناياها مختلف الأطياف والألوان والأعراق والانتماءات من الخيرين والأشرار والصالحين والطالحين، وتربع عليها الذين أكلوا من عدن لحمها وقذفوا بها للوحوش تتناهش جسدها الطاهر.

 

لم يعد في عدن محافظ ولا وكلاء محافظ، . . لم يعد في عدن مراكز أمنية، . .لم يعد في عدن رئيس ولا وزراء ولا متحدثون رسميون، لم يعد في عدن إلا الرعب والخوف والقتل والسلب والنهب وعصابات الإجرام، وبمقابل كل هذا الشرفاء الأبطال المدافعين عن كرامة وعفة وشرف عدن وطهارتها، بينما مسؤولوها يتخفون كما تتخفى الخفافيش من ضوء النهار، لم يعد في عدن إلا أبناء عدن الأبطال المقاومون ببسالة استثنائية ومعهم المقاتلون الأشاوس القادمون من ردفان والضالع ويافع والصبيحة وأبين وغيرها من مناطق الجنوب، وحتى ما يسميه الحوثيون وصالح بميليشيات عبدربه اختفت فجأة ولم يسمع منها إلا رسائل الووتسأب.

يتساءل المواطنون الجنوبيون وأبناء عدن على وجه الخصوص، لماذا لم يتم تسليحهم عندما ذهبوا طالبين السلاح للدفاع عن عدن وعن عبدربه نفسه، حينها قيل لهم ليس لدينا سلاح، لكن من قال هذا كان يتستر على مخازن جبل حديد التي استولى على معظم محتوياتها رجالات الحوفاش ونال أبناء عدن الحريق واللهب والموت منها، لمن كنتم تدخرون هذه الأسلحة إذا لم توزعوها للدفاع عن عدن؟ وليس جبل حديد قمة جبل الثلج من الأسلحة التي تستر عليها من تخلوا عن عدن ولاذوا بالفرار.

إن الملاحم البطولية التي تدور في عدن لا يصنعها الجيش الموالي لعبدربه، لأنه لا يوجد أحد في الجيش إلا ويوالي صالح والحوثيين، وحتى ما تسمى بميليشيات هادي اختفت فجأة وتركت المقاتلين المدنيين يتصدون وحدهم لجحافل الغزاة الجدد الزاحفين بالآلاف على عدن.

لم نعد نسمع محافظ عدن الحبتور يتسابق على الفضائيات للحديث عن انتصاراته على الزاحفين لأنه كان يضع رجل مع هادي وأخرى مع عفاش، ويبدو أن الرجل التي وضع مع عفاش تجره بعيدا عن عدن وينتظر هزيمة هادي ليخرج ما يبرهن به أنه لم يكن مع هادي، وسيستدل بآلاف التصريحات المسجلة تلفيزيونيا والتي كان يشيد فيها بعظمة وعبقرية ووطنية (الزعيم صالح).

ويتساءل أبناء عدن، أين من دخلوا عدن وتسابقوا على نهب منشآتها وأراضيها وأموالها ومؤسساتها عام 1994م؟ لماذا تركوا عدن والجنوب وحيدين يدافعان عن الوحدة والشرعية؟ ويقول أبناء عدن لهؤلاء: إن أبناء عدن يدافعون عن مزارعكم وأراضيكم وفللكم الفاخرة التي بنيتمهوها بما نهبتم من الجنوب منذ 1994م، وكان الأحرى بكم الانضمام إليهم للدفاع عن منهوباتكم لأنكم من يملك كل شيء في عدن بعد أن نهبتموها منذ العام 1994م، وأقول لكم هذا هو الفرق بين ابن الوطن الحقيقي والزائف الانتهازي الذي لا يعرف من الوطن إلا ما يجنيه من مصالح وما يحصل منه من منهوبات.

إن عدن تواجه التتار الجدد بقدرات أبناءها البسيطة بعد أن تخلى عنها من رضع من ثديها حتى اكتمل نموه ونهب خيراتها وتربع على مواقع الثروة والسلطة فيها ثم انسحب عندما حانت لحظة الشدة.

ستكون المفارقة صادمة بعد سحق العدوان بإذن الله وخروج عدن منتصرة، عندما يخرج لنا هؤلاء الهاربون المختفيون، ليستولوا على نصيب الأسد من المناصب والمكافآت والغنائم والتعويضات مدعيين بأنهم من صنع النصر، بينما يعرف القاصي والداني أن الملحمة الحقيقية صنعها الجنود المجهولين وهم بالآلاف ممن تركوا ديارهم ومصالحهم وأهلهم وتأبطوا عزائمهم لينقذوا عدن من نيران الغزاة ومؤامرة حكامها.

سيلعنكم التاريخ أيها الهاربون من عدن لحظة محنتها، وسيبرهن التاريخ أنكم كنتم مجرد منتفعين يستثمرون بادعاءاتهم وتلفيقلتهم على حساب عدن وأمنها وسكينتها وآلام أبنائها.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر