اليمن يبحث عن حل وسط!!

اليمن يبحث عن حل وسط!!

قبل 9 سنوات

يمر اليمن بوضع دقيق ومثير للقلق.. ومثل هذا الوضع يقر به كبار السياسيين ويحذرون من تطوره نحو الاسوأ في ظل الفوضى اللامعقولة واللامسبوقة التي يعيشها هذا البلد وفشل كل المحاولات في احتواء الاحتقان السياسي والامني والاجتماعي الذي يزداد كل يوم تمددا وانفلاتا بفعل اتساع نطاق التوترات والأحداث ورقعتها الجغرافية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ومن ابعد نقطة في الوسط الى اخر نقطة في الشرق والغرب وكذا تعدد وتنوع اهداف الصراع التي تظهر امامه الساحة اليمنية مكشوفة على كل الاحتمالات والتوقعات والتقديرات والمخاطر المستجدة والتهديدات المتدافعة والبازغة بتوجهاتها وتحولاتها وامتداداتها وخطوطها المتعرجة والتي تشير جميعها الى ان اليمن مقبلة على مرحلة صعبة وشديدة الحساسية بفعل المعطيات المتحركة على المستويين الداخلي والإقليمي وتعثر جهود التسوية ووصول كافة الاطراف الى طريق مسدود.

فالحوثيون الذين تمكنوا من الانتشار في شمال ووسط اليمن باتوا ربما على قناعة باستحالة سيطرتهم على كل اليمن او حسم المعركة عسكريا وتفردهم بالحكم واستثناء الاخرين وفي ذات الوقت فإن الرئيس عبدربه منصور هادي الذي انتقل الى عدن يوم 21 فبراير الماضي بعد تمكنه من مغادرة منزله في صنعاء وكسر حالة الحصار التي فرضت عليه من قبل الحوثيين لا يمتلك هو الاخر فرصة حقيقية او قاعدة شعبية تمكنه من اعادة المشهد الى ما قبل 21 من سبتمبر بل إنه الذي يظهر اليوم عاجزا عن القيام بما هو مطلوب منه ميدانيا وسياسيا والإفصاح عن نواياه المستقبلية ناهيك عن انه الذي يعاني من امراض القلب ويفتقد (للكاريزما) التي تسمح له بقيادة عجلة التغيير عوضا عن الاستسلام للركود والتموضع على ضفة ردود الفعل. فيما تبدو بقية المكونات في وضع ملتبس ومناور لتنشغل بنفسها اكثر مما يحيط بها من الحرائق فلا يعنيها من الحريق الكبير إلا شرر النار الذي يمكن ان يطول مساكنها.. وعندما تصل الامور الى طريق مسدود كهذا يغدو البحث عن الحل الوسط هو المسار الاكثر قبولا من كل الاطراف التي لاشك وأنها من استشعرت خطورة اللحظة الراهنة وأدركت ان لا احد فيها قادرا على تسوية الملعب لنفسه بمعزل عن مشاركة الاطراف الاخرى.

تحتاج الاطراف المتصارعة في اليمن الى امرين اساسيين: الجلوس على طاولة مستديرة بحثا عن حل وسط للازمة الحالية ووضع ضمانات لمسار الحوار بحيث لا يتم الخروج في المستقبل مرة اخرى على نتائج هذا الحوار ولما من شأنه التوافق على اليات ادارة المرحلة الانتقالية أكان ذلك الاتفاق على مجلس رئاسي بقيادة الرئيس هادي وفقا لما يجري التفاوض حوله هذه الايام برعاية المبعوث الاممي جمال بنعمر او غيره من المقترحات التي تقوم على آليات دستورية وقانونية محددة تضمن الشراكة وتؤسس لمرحلة دستورية جديدة تخرج اليمن من المساحات المتداخلة التي قد تدفع بها الى منزلقات التشرذم والتشظي والحروب الاهلية.

 

اما الامر الاخر فلابد وان تقتنع هذه الاطراف بان المباراة ليست صفرية وانه لا يمكن لفريق القضاء على الاخر او اخضاعه له بشكل كامل اذ ان الاقرار بهذه الحقيقة كفيل بحد ذاته في ايصال كافة الاطراف الى الحل الوسط الذي تبحث عنه والتشكل في كتلة تاريخية ووطنية تعيد رسم العمل السياسي ضمن نمط جديد يعتمد على المشاركة الوطنية الواسعة التي لا مجال فيها للإقصاء والفردية ونوازع الاستحواذ والحلول الامنية التي لن تؤدي إلا الى شلالات من الدم والى عرقلة عملية الانتقال وفشلها وتعميق الانقسام بين افراد المجتمع.

النخب اليمنية معنية اكثر من غيرها بالتراجع عن سياسات التصعيد والصراع وشيطنة بعضها البعض والدخول في مسار جديد يشكل القاعدة الاساسية لبناء دولة يمنية لكل ابنائها.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر