مثلت نجاح العملية العسكرية للقوات المسلحة الجنوبية لتحرير وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة محطة وطنية مفصلية في مسار استعادة دولة الجنوب العربي، استجابةً لمطالب شعبية واسعة عبّر عنها مختلف شرائحهم الاجتماعية والسياسية والقبلية، نتيجة ما شهده وادي حضرموت والمهرة خلال السنوات الماضية من انتهاكات جسيمة كانت ترتكبها قوات المنطقة العسكرية الأولى بحق ابنا حضرموت والمهرة ودعمها للجماعات الإرهابية وتهريب السلاح لمليشيات الحوثي في صنعاء.
وأمام استحقاقات متعددة تتطلب إدارة مسؤولة، ورؤية استراتيجية شاملة، تضمن حماية المنجزات وتحويلها إلى واقع مستدام عقب تحرير ودي حضرموت ومحافظة المهرة، من خلال تثبيت الأمن والاستقرار ومنع عودة أي مظاهر للفوضى أو الانفلات الأمني وانشاء منظومة أمنية وعسكرية مهنية من أبناء هذه المناطق تتولى حماية وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة وتعزيز الإدارة المدنية وتحسين مستوى الخدمات الأساسية في مجالات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وتخفيف معاناة المواطنين وتحقيق الاستقرار المعيشي.
الرئيس الزبيدي وإدارة التوازنات
برز دور الرئيس الزُبيدي في إدارة التوازنات السياسية المرتبطة بملف حضرموت والمهرة، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أهمية احترام خصوصية المحافظتين، وإشراك قياداتها المحلية، وتغليب الحوار والشراكة الوطنية، بما يحفظ مكتسبات التحرير ويعزز وحدة الصف الجنوبي تحركات سياسية وميدانية مكثفة في مختلف المسارات الوطنية، انطلاقًا من مسؤوليته التاريخية والمرحلية، وحرصه العميق على معالجة كافة التحديات وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة على أسس فاعلة ومنظمة، حيث تأتي هذه التحركات في توقيت بالغ الحساسية، يمر فيه الجنوب بمرحلة مفصلية ومعقدة، تتطلب تكاتف الجميع، وقدرة عملية على تحويل التحديات الراهنة إلى فرص حقيقية للبناء والإصلاح وتحقيق الاستقرار.
وضمن إدارة المرحلة الراهنة التي يقودها الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي وفي اطارها الإقليمي والدولي فقد التقى وبحضور نائبه عبدالرحمن المحرمي قيادة القوات المشتركة لقوات التحالف العربي، حيث ناقش اللقاء، سبل توحيد الجهود في مواجهة كافة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة الدولية، مع الاستمرار بالتحركات الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي، في إطار جهوده الرامية إلى إيصال قضية شعب الجنوب إلى مراكز صنع القرار، وتعزيز الحضور السياسي للقضية الجنوبية في ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الوطنية الجنوبية.
وعلى الصعيد المحلي عقد الرئيس الزُبيدي العديد من اللقاءات التي تابع من خلالها جميع الإجراءات التي نُفذت مؤخرًا على الصعيدين السياسي والعسكري، والجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار وتطبيع الأوضاع في عموم محافظات الجنوب، وفي طليعتها محافظتا حضرموت والمهرة، وما تقوم به الهيئات التنفيذية المركزية والمحلية لتعزيز الاستقرار في مختلف المحافظات، وضمان توفير الخدمات، وفي مقدمتها توفير الغاز المنزلي، وتحسين خدمتي الكهرباء والمياه، وضمان استقرار أسعار الصرف، وثبات أسعار المواد الاستهلاكية، واتخاذ الإجراءات الفورية لمعالجة أي اختلالات، بما يخفف من معاناة المواطنين.
وشدد الرئيس القائد خلال اللقاءات على أهمية تحمّل الجهات كلا حسب اختصاصه مسؤولياتهم الوطنية في هذه المرحلة الفاصلة من نضالات شعبنا، مشددًا على أهمية مضاعفة الجهود واستشعار روح المسؤولية في تنفيذ المهام، وعدم التهاون مع أي اختلالات، والتعامل بصرامة مع أي محاولات تستهدف الإضرار بمصالح شعبنا ومكتسباته الوطنية، موجّهًا القيادات التنفيذية على الصعيدين المركزي والمحلي بمواصلة جهودهم لتنفيذ خطة الإصلاح والتعافي الاقتصادي، بما يسهم في معالجة الاختلالات القائمة في بعض الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وتحسين الأداء العام، وتعزيز الاستقرار المالي والإداري.
جهود في مسار الإصلاحات الاقتصادية والإدارية
يولي الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي ملف الإصلاحات الاقتصادية والإدارية اهتمامًا استثنائيًا ومتواصلًا، إدراكًا منه أن أي استقرار سياسي أو أمني لا يمكن أن يكتمل دون بناء مؤسسات دولة فاعلة، قادرة على أداء مهامها بكفاءة ومسؤولية، وبما ينسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة، وفي هذا الإطار، قاد الرئيس سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع قيادات الحكومة والوزارات والمؤسسات المختلفة، ركزت على تقييم مستوى الأداء، وتشخيص مواطن الخلل، ورصد الاختلالات الإدارية والمالية، ووضع حلول عملية لمعالجتها وفق رؤية إصلاحية شاملة ومحددة الأهداف.
وأكد الرئيس الزُبيدي أن المرحلة الحالية تتطلب تفعيل مبدأ الانضباط المؤسسي، والالتزام الصارم بالقوانين واللوائح النافذة، وتعزيز آليات الرقابة والمساءلة، بما يسهم في الحد من مظاهر الفساد والعبث، وضمان حسن إدارة الموارد العامة، وتوجيهها لخدمة المواطنين. كما شدد على ضرورة إعادة هيكلة العمل الإداري، وتطوير الأنظمة المالية والإدارية، وربط الأداء بالمخرجات الفعلية، بعيدًا عن العشوائية والارتجال، وبما يعزز الثقة بالعمل الحكومي.
وفي الجانب الاقتصادي، تابع الرئيس القائد عن كثب الأوضاع المعيشية للمواطنين في ظل الظروف الصعبة، ووجّه باتخاذ إجراءات عاجلة لضبط الأسواق، ومنع الاحتكار، وتنظيم عملية الاستيراد، والحفاظ على استقرار أسعار السلع الأساسية، بالتنسيق مع البنك المركزي والقطاع الخاص والجهات ذات العلاقة، بما يسهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية المتزايدة على كاهل المواطنين، وضمان توفر الاحتياجات الأساسية بصورة مستقرة.
وبرزت هذه التوجهات الإصلاحية من خلال زياراته الميدانية لعدد من الوزارات والهيئات الحيوية، كوزارة النقل، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة المياه والبيئة، وهيئات الأراضي والتعليم، حيث اطّلع على سير العمل، وناقش التحديات القائمة، ووجّه بمضاعفة الجهود لتحسين مستوى الخدمات، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز التنسيق بين الجهات ذات العلاقة، بما يخدم خطط التنمية والاستقرار، ويعزز كفاءة الأداء المؤسسي.
كما أولى الرئيس الزُبيدي اهتمامًا خاصًا بالعنصر البشري، باعتباره حجر الزاوية في أي عملية إصلاح حقيقية ومستدامة، مؤكدًا على أهمية تسريع ملفات التوظيف والتسويات والعلاوات، وتثبيت المتعاقدين، ومعالجة الاختلالات الوظيفية، إلى جانب تنفيذ برامج تدريب وتأهيل مستمرة، ترفع من كفاءة الكادر الإداري، وتعزز قدراته المهنية، وتسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأكد الرئيس القائد، في أكثر من مناسبة، أن نجاح الإصلاحات الاقتصادية والإدارية يتطلب تضافر الجهود، والعمل بروح الفريق الواحد، وتحمّل المسؤولية الوطنية، مشددًا على أن المجلس الانتقالي الجنوبي سيواصل دعمه الكامل لأي خطوات جادة تسهم في تحسين الأداء الحكومي، وتخفيف معاناة المواطنين، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والإداري.
تطبيع الأوضاع الأمنية في المهرة ووادي وصحراء حضرموت
حظيت محافظتا المهرة ووادي وصحراء حضرموت باهتمام بالغ من قبل الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، في إطار جهوده الرامية إلى تثبيت دعائم الأمن والاستقرار، وبسط سيطرة مؤسسات الدولة، وتأمين الحدود والمنافذ الحيوية، وحماية المصالح الوطنية العليا من أي تهديدات تمس أمن الجنوب واستقراره.
وقد أسفرت الإجراءات التي نُفذت بتوجيهات القيادة السياسية، وبجهود القوات المسلحة الجنوبية، عن تحقيق نجاحات ميدانية ملموسة في قطع خطوط تهريب السلاح والمخدرات، التي كانت تمثل شريانًا رئيسيًا لإمداد مليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية في محافظة المهرة ومديريات وادي وصحراء حضرموت، الأمر الذي أسهم في تعزيز السكينة العامة، وطمأنة المواطنين، وتهيئة بيئة أكثر أمنًا واستقرارًا.
وخلال لقاءاته مع القيادات المحلية ووفود أبناء المهرة وحضرموت، شدد الرئيس الزُبيدي على أهمية تعزيز الشراكة مع السلطات المحلية، وتمكين أبناء المحافظتين من إدارة شؤونهم بأنفسهم، وفق أسس مؤسسية وقانونية واضحة، بما يعزز الاستقرار، ويكرّس مبدأ المشاركة في صناعة القرار، ويخدم المصالح المحلية والوطنية وتطبيع الأوضاع على كافة الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، من خلال تحسين مستوى الخدمات الأساسية، وتعزيز التنمية المحلية، وتوفير فرص العمل، ودعم المشاريع التنموية، بما يسهم في معالجة جذور التوتر، ويضمن استدامة الاستقرار على المدى الطويل.
وأشار الرئيس الزُبيدي إلى أن ما تحقق في المهرة ووادي حضرموت يمثل نموذجًا ناجحًا للتكامل بين العمل الأمني والعسكري من جهة، والجهود التنموية والمؤسسية من جهة أخرى، مؤكدًا أن هذه التجربة ستُعمم بما يخدم استقرار الجنوب والمنطقة بشكل عام، ويعزز الأمن الإقليمي.
معركة القضاء على مليشيا الحوثي الإرهابية
جدّد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي تأكيده أن معركة القضاء على مليشيا الحوثي الإرهابية تمثل أولوية وطنية قصوى لا تقبل التأجيل أو المساومة، باعتبارها معركة استعادة صنعاء، وإنهاء معاناة ملايين المواطنين في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة المليشيات، ووضع حد للانتهاكات والجرائم التي طالت المدنيين.
وخلال لقاءاته مع القيادات السياسية والعسكرية والشخصيات اليمنية والتي كانت اهما تلقى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، اتصالا هاتفيا من الفريق طارق صالح، رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، لتنسيق الجهود المشتركة ورفع مستوى التعاون بين مختلف القوات في مواجهة الجماعات الإرهابية، وفي طليعتها ميليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة، مؤكدَين أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، وتفعيل مؤسسات الدولة فيها. حيث أكد الجانبان أن تحقيق الاستقرار في الجنوب يمثل منطلقًا حقيقيًا لتحرير ما تبقى من الشمال وإزالة خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية، مشددَين على أن المعركة واحدة، وكذلك المخاطر والتهديدات، وأن التنسيق والتعاون المشترك يشكّلان أساس المرحلة الحالية والمقبلة، وأن الإمكانات العسكرية والسياسية ستكون في مترس واحد مع مختلف القوى الوطنية الصادقة حتى تحقيق الأهداف المنشودة لاستعادة الأرض وتطهيرها من دنس الإمامة وصولًا إلى صنعاء، وكل ما يهدد ديننا وعروبتنا وأمننا القومي.
كما دعا الرئيس خلال لقاءاته مع محافظتي البيضاء وذمار، إلى توحيد الصفوف، وتجاوز الخلافات، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، مؤكدًا أن النصر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال شراكة حقيقية، وإرادة صادقة، وعمل ميداني جاد يعكس تطلعات المواطنين، مؤكدا جاهزية القوات المسلحة الجنوبية للمشاركة الفاعلة في أي معركة تهدف إلى تحرير مناطق الشمال، متى ما توفرت القيادة المسؤولة، والقرار الجاد، والشراكة الوطنية الصادقة، مشيرًا إلى أن الإجراءات الأمنية في حضرموت والمهرة جاءت في إطار تأمين الجنوب ليكون قاعدة انطلاق لمعركة الخلاص الوطني وصولًا إلى صنعاء.
كما شدد الرئيس الزُبيدي على أن حالة التراخي والتردد التي أبدتها بعض القوى أسهمت في إطالة أمد الصراع، داعيًا إلى تحمّل المسؤولية التاريخية، ومؤكدًا أن الأيادي المرتعشة والمواقف المهزوزة لن تصنع نصرًا، وأن المرحلة تتطلب قيادة شجاعة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة.
إنّ مواجهة الرئيس الزُبيدي لاستحقاقات نجاح تحرير وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة وإدارة التوازنات، تمثّل مرحلة جديدة لما بعد الإنجاز العسكري، عنوانها ترسيخ الأمن، وبناء المؤسسات، وتحقيق التنمية. وهي مرحلة تتطلب تكاتف الجهود الرسمية والشعبية لضمان استدامة النجاح، والمضي بثبات نحو بناء دولة قوية وعادلة، تقوم على أسس الإصلاح المؤسسي، وترسيخ الأمن والاستقرار، وخوض معركة الخلاص الوطني حتى نهايتها. وهي تحركات تعكس رؤية استراتيجية واضحة، تستند إلى الشراكة الوطنية الجنوبية، والعمل المؤسسي المنظم، والإرادة السياسية الصلبة، بما يلبي تطلعات الشعب، ويصون تضحياته، ويؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.