الأقلام الجنوبية بين وعي الانتصار وفخ الشائعات

الأقلام الجنوبية بين وعي الانتصار وفخ الشائعات

قبل 3 ساعات
الأقلام الجنوبية بين وعي الانتصار وفخ الشائعات

د. عبدالرزاق عبدالله البكري

إن العدو الذي فشل في كسر شوكة القوات المسلحة الجنوبية على الجبهات، وعجز عن زحزحتها عن حدودها وساحات المعارك، قد أدرك أن بوابة النصر لا تُفتح بالقذائف، بل تُفتح بمفاتيح العقول. فراح يتسلل خلسة إلى الفكر والوجدان، يغرس سمومه في النفوس، ويصنع من بعض الأقلام والانامل الجنوبية جسورًا لتمرير أكاذيبه وأضاليله، حتى أصبح بعضهم – بوعي أو بغير وعي – أدوات بيده، ينقرون على لوحة الحروف بما يريده هو، لا بما يخدم قضيتهم ووطنهم. إن الحرب اليوم لم تعد فقط صدامًا بالسلاح، بل أصبحت معركة وعي وإدراك. فالعدو الإعلامي المنظم، الذي تمثله أحزاب الشمال المتحالفة والمتآلفة ضد الجنوب وقضيته، يتقن فن التناوب على بث الشائعات المسمومة وتضع السم في العسل، بينما نرى بعض الجنوبيين – ويا للأسف – يلهثون وراءها، ينشرونها بأسرع مما يطلق الرصاص، وكأنهم يتسابقون في تنفيذ ما يخطط له الخصوم. في الوقت الذي يتغاضى فيه إعلامهم عن جرائم الحوثي وأعوانه، ويكتم أنفاس الضحايا، نرى بعض الأصوات الجنوبية تلهو في نشر التوافه، وتضخيم الصغائر، وإشعال النيران في الهشيم داخل البيت الجنوبي. هذه ليست مجرد أخطاء عابرة، بل هي ثغرات خطيرة، ينفذ منها العدو لزعزعة الصف الجنوبي، وإخماد إرادة استعادة الدولة، وكسر صمود الشعب. انظروا إلى إعلام أحزاب الشمال، كيف يقف صفًا واحدًا، متآلفًا ومتحالفًا، لا يسمح بكلمة تضر مشروعه. بينما نحن في الجنوب، ما زال بيننا من يتسابق لبث الفتنة، ويشعل النار في بيت أهله، ويسقي العدو من بئر النصر التي حفرناها بدماء شهدائنا. رسالتي إلى شعب الجنوب الصابر السائر في درب التحرر: أيها الجنوبيون… لا تكونوا سهام العدو في خاصرتكم. يا أبناء الجنوب، يا من صمدتم في وجه الغزاة على الجبهات، وأريتم العدو أن أرض الجنوب لا تُهان ولا تُداس، اعلموا أن معركتكم اليوم لم تعد فقط على حدود الوطن، بل داخل العقول والقلوب. العدو الذي فشل في اقتحام أرضكم، قرر اقتحام أفكاركم. لم يستطع أن يهزمكم في الميدان، فحاول أن يهزمكم من الداخل، عبر الشائعات والأكاذيب، وعبر أقلام مأجورة وأخرى جاهلة، لا تدري أنها تعمل لصالحه وهي تظن أنها تخدم قضيتها. أحذركم… واكرر تحذيري…… الشائعة أخطر من الرصاصة، والكلمة الخائنة أخطر من المدفع. فالرصاصة تقتل جسدًا، أما الشائعة فتقتل أمة. العدو لا يحتاج أن يطلق النار إذا كان بعضنا يطلق الأكاذيب نيابة عنه. يا شعب الجنوب… اجعلوا عقولكم حارسة، وأقلامكم حصنًا منيعًا، ولا تمنحوا خصومكم فرصة أن يزرعوا الهزيمة فيكم قبل أن يزرعوها في الميدان. أنتم السد المنيع، فإذا انهار وعيكم انهارت كل الجبهات. النصر يبدأ من الفكر، والهزيمة تبدأ من الكلمة. فاحذروا أن تكونوا أنتم من يفتح للعدو الباب، وكونوا كما عهدناكم… سيوفًا على أعدائكم، لا على صدوركم. واجدد وأكرر. اتركوا الركض خلف الشائعات، وامنعوا أقلامكم من أن تكون سهامًا في صدر قضيتكم. ليكن عقلكم هو الحارس الأمين، وفطنتكم هي الدرع الحصين. لا تمنحوا العدو فرصة أن يزرع الخوف واليأس في قلوبكم. واعلموا أن النصر لا يتحقق فقط بالمدافع والدبابات، بل بصلابة الموقف، وثبات الكلمة، وتماسك الصف. إنها معركة وعي، وإن أخطر هزيمة هي التي تبدأ في العقل، قبل أن تقع في الميدان..

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر