طيلة سنوات من الحرب افتعلت الشرعية معاركاً وصدامات مع المجلس الانتقالي كان يمكن تحاشيها بقليل من المسئولية التاريخية والانسانية، لكن هناك نوع من البشر لا يفقهون هذه المسائل فأطماعهم ومصالحهم المادية أعمتهم من رؤية الحقائق كما هي وسيطر عليهم الحقد والكراهية والانتقام المصطنع وخلق عدو وهمي هو المجلس الانتقالي. استخدمت في هذه الحروب عدد من الملفات أو الحملات الإعلامية لإخضاع شعب الجنوب واستعادته إلى حضيرة الحكم الشمالي ومن هذه الملفات؛ أولاً: محاولة تكريس فكرة أن الامارات العربية وحليفها الانتقالي هما من يعيق عودة الرئيس هادي إلى عدن، وثانيا: هو محاولات الصاق تهمة فشل الحكومة وتقصيرها في إدارة الخدمات الأساسية للمجلس الانتقالي وهو ما يعرف بحرب الخدمات، وثالثاً: إثارة نوعاً من الفوضى والاحتجاجات الجماهيرية من أعمال البسط على الأراضي وبعض الأملاك الخاصة، ورابعاً اتهام الانتقالي بعدم قدرته على ضبط الأمن بسبب سلسلة الاغتيالات التي شهدتها عدن. فكيف استطاع المجلس الانتقال هزيمة الشرعية في كل هذه المعارك التي خاضها بكل تأني وصبر وكيف كشف أكاذيب ومغالطات الشرعية التي استندت عليها كل تلك المعارك وكيف وجه لها ضربة معاكسة انقلبت على الشرعية؟ وما هي تداعيات انكشاف كل هذه الحقائق على جمهور الانتقالي من الجنوبيين؟ وما هي التوقعات والاحتمالات الممكنة التي سنشهدها في الفترة القادمة؟
*هل هناك خطورة على حياة الرئيس هادي إذا ما عاد إلى عدن؟
ظل أعداء الجنوب يرددون طيلة فترة الحرب رواية كاذبة هي أن الامارات وحليفها الانتقالي هما من يمنعان عودة الرئيس هادي إلى عدن ويرددون بحماقة واستغباء الجنوبيين أن الامارات كانت قد منعت هبوط طائرة الرئيس هادي وهي حادثة يتيمة لها مبرراتها القوية حينها فالرئيس هادي عاد بعدها إلى عدن عدة مرات بعد تحريرها، لكن ما حدث أن تشكيلة الحرس الرئاسي كان يشوبه عوار يشكل خطورة على حياة الرئيس بسبب اختراق وتسلل عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة التي تدين الولاء لجماعة اخوان والجنرال العجوز علي محسن الأحمر الأب الروحي للإرهاب حتى إنه يقال أنه وصل الأمر ببعضهم أن تجرأ وقل أدبه على الرئيس هادي لذلك خافت دول التحالف على حياته وهي من منع هبوط طائرته إلى أن يتم تطهير عدن من هذه العناصر. لكن ما زاد الأمر سوءاً هو عند تعيين الجنرال العجوز علي محسن الأحمر نائباً للرئيس أصبح الخوف والحرص على حياة الرئيس أكبر فهذه الجماعة من الممكن أن ترتكب حماقة وتغتال الرئيس حتى يصعد النائب إلى سدة الحكم وتحسم المعركة لصالح هذه الجماعة التي اتضح إنها على تنسيق كامل مع الحوثيين، أما بعد تطهير عدن من الإخوان والجماعات الارهابية أصبحت عودة الرئيس مرحب بها ولا خوف على حياته، لكن اعلام الجماعة لا ينفك وأن يردد هذه الرواية يومياً تقريباً لتذكير الناس بهذه الحادثة دون الإشارة إلى كل هذه الحقائق. وكانت دعوة وترحيب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بالعودة إلى عدن بمثابة ضربة قاضية لهذه الجماعات المتمردة عن الشرعية وبذلك أفشل كل هذه الاشاعات والأكاذيب التي كانت تهدف إلى اشعال الفتنة بين الرئيس هادي من جهة والامارات والانتقالي من جهة أخرى.
*كيف تصدى الانتقالي لحرب الخدمات وكشف مغالطات إخوان الشرعية؟
استطاع المجلس الانتقالي أن يعري ويكشف المغالطات التي كان يروجها الإخوان بتحميله مسئولية الخلل في توفير الخدمات وخصوصاَ عدم انتظام دفع المرتبات لمنتسبي القوات المسلحة بسبب عدم سماح الانتقالي بعودة الحكومة إلى عدن وهذا الأمر فيه تظليل وتزييف للحقائق فقد سُمِحَ لرئيس الحكومة وبعض الوزراء بالعودة ولكن هناك عدد من الوزراء المنشقين عن الحكومة الشرعية والتي تدين الولاء لجماعة الاخوان المدعومة قطرياً والذين أقصاهم اتفاق الرياض والذي لم يعجبهم هذا الاتفاق فأرادوا أن يستثمروا مرحلة عدم توازن الحكومة الناتج بين التوقيع والتنفيذ لهذا الاتفاق بإحداث فوضى أمنية والسعي لتردي الخدمات، وقد قامت هذه الجماعة المنشقة بتنفيذ هذا المخطط باتجاهين الأول هو سحب الصلاحيات من القيادات العدنية البارزة والنزيهة وإعطاء الصلاحيات لشخصيات فاسدة لتمرير صفقات الفساد والتلاعب بالخدمات وهو ما يحدث حالياً في العاصمة الجنوبية عدن، والثاني هو تكليف شلة الوزراء المتضررين من اتفاق الرياض للقيام بحملة إعلامية لتشويه دور دول التحالف وفي الوقت نفسه اصدار التوجيهات المباشرة بإيقاف تمويل كافة الخدمات وخصوصاً صرف المرتبات وتعطيل توفير المشتقات النفطية لتشغيل الكهرباء وكان الهدف فرض عقوبات مباشرة ليس فقط على الجماهير المناصرة للانتقالي ولكن لكل الجنوبيين ومحاولة إدانة الانتقالي والتشكيك في قدراته لإدارة عدن باعتباره المسيطر على الأرض.
*من هم المتهمين الحقيقين الذين يقفون خلف تردي الخدمات؟
لكن الانتقالي استطاع توجيه ضربة مرتدة ومعاكسة لخصومه بكشف أوراق هذه العصابة وتلاعبها مما أحرج دولة رئيس الوزراء د معين عبد الملك الذي انحاز لتنفيذ اتفاق الرياض في جانبه الاقتصادي وقام بتفعيل اللجنة الاقتصادية العليا المنبثقة عن اتفاق الرياض والتي صححت الوضع المختل وكشفت عن ملفات فساد لزمرة الوزراء المنشقين عن الحكومة الشرعية منهم وزير النقل والداخلية وكلاهما تعرضا للإيقاف عن العمل ولكنه لم يوجه الاتهام لوزير الدفاع رغم أخطائه فاكتفت باتهام وزير المالية له بالسطو وعدم صرف مرتبات العسكريين المنتسبين لوزارة الدفاع التي حسب تصريح وزير المالية إنه قام بتحويل مرتباتهم منذ وقت مبكرة ولكن العرقلة أتت من وزير الدفاع. واستطاعت هذه الاجراءات كسر لوبي الفساد النفطي المتحكم باستيراد المشقات النفطية منذ سنوات، كما تم تحديد المتهمين الحقيقين الذين يقفون خلف تردي الخدمات من صرف المرتبات وانقطاع الكهرباء وغيرها من الخدمات. كل هذه الحقائق برأت المجلس الانتقالي من كل الاتهامات التي وجهت له بخصوص وقوفه وراء تعطيل الخدمات في عدن.
*الهدف من لعبة الاغتيالات إظهار فشل المجلس الانتقالي في السيطرة الأمنية على مدينة عدن
أرادت زمرة المنشقين عن الشرعية أن تعبث بأمن عدن من خلال سلسلة من الاغتيالات لإظهار حالة اللا أمن في عدن وعدم قدرة الانتقالي في السيطرة الأمنية عليها. ولكن لم يمر وقت قصير وإذا بالانتقالي يمسك بخيوط المؤامرة ويكشف عن الجهة التي تقف وراءها واللعبة القذرة التي تحيكها مليشيات اخوان المدعومة قطرياً وأدواتها الارهابية بهدف إثارة الرعب والخوف في عدن وخاصة بعد حادثة الاغتيال التي طالت شهيدي الهلال الاماراتي التي كانت تعمل في المجال الانساني وخدمة أعمال الإغاثية وهي جريمة ترفضها كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية. ولكن كيف استطاع الانتقالي كشف العصابة التي تقف وراء هذه الاغتيالات؟ يقوم حزب الاصلاح الإخواني بتهريب الأسلحة من مأرب عبر ثغرة دوفس، وقد عثرت الجهات الأمنية في العاصمة عدن على كمية من المقذوفات والصواعق وكاتم الصوت ومتفجرات تركية الصنع ومواد مشبوهة داخل أكياس في الطريق المؤدي من سور الحدى إلى مديرية البريقة، و في الوقت نفسه تجري عملية إدخال عناصر ارهابية تابعة لهم إضافة إلى مسلحين من تنظيم القاعدة إلى العاصمة عدن وذلك تحت مبرر صرف مرتباتهم، وهم يرتدون أزياء مدنية ويتجمعون في نقاط يتم تحديدها مسبقاً ويتم تسلحيهم بعد وصولهم، وقد اعترف المضبوطين إن أحمد الميسري والقيادي في القاعدة الخضر جديب وراء هذه الشحنات. كل هذه الأعمال الإجرامية كان الهدف منها إغراق عدن بالفوضى الأمنية والاخلاقية والمجتمعية واشعال أرض الجنوب بالفوضى، ولكن الانتقالي تمكن من فضح هذه الأساليب الرخيصة وأصبح كل جنوبي يعي ويدرك ما تحاك له من مؤامرات وخطط تقف وراءها قوى الاحتلال الشمالي.
*كيف يتم البسط على الأراضي في عدن ومن يقف خلفها وما هي أهدافه؟
الملف الآخر الذي لعبت علية زمرة الإخوان المنشقة عن الشرعية كان عملية ممنهجة تهدف إلى البسط على الأراضي في عدن وتشويه المدينة واتهام المجلس الانتقالي بعدم القدرة على حماية المدينة واستباحة أراضيها وممتلكات الناس الخاصة وطبعاً آلتهم الاعلامية جاهزة والتي كانت تركز على أعمال فردية خاصة وتقوم بتضخيمها، ولكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر فقد كانت الصورة الخلفية أبشع مما كنا نتصور وتحتاج الأمور إلى سرعة التحرك والبث، فبعد أن تسريب كشف أسماء ناهبي الأراضي في عدن المعروف بتقرير باصرة هلال والتي تضمن كشفاً تفصيلياً عن كل الأراضي والممتلكات الخاصة التي نهبها الشماليون، اتضح إن الأمر لم يقف عند هذا الحد فقد كشفت تقارير إن هناك عصابات منظمة تعمل تحت مظلة الشرعية تمتلك اسقاطات وخرائط ووحدات جوار وهي على علم بالفراغات وأيضاً المخططات، وقد كشفت هذه التقارير إن هناك تجاوزات قامت بها مصلحة أراضي وعقارات الدولة بعدن وهي بؤرة فساد عبثت بمدينة عدن منذ 2011 وحتى السنوات الأولى من الحرب اشتملت على صرف مساحات واسعة لأشخاص مقتدرين تمكنوا من البناء عليها، فيما لا زالت مساحات منها تحت المسح والاسقاط الأمر الذي خلق حالة فوضى تصل أحياناً إلى الاشتباكات المسلحة، وتمثلت وقائع الفساد أيضاً والتي أثبتتها جهاز الرقابة في إجراء تعديلات لمخططات مثل مخططات بئر فضل وكذلك ازدواجية في صرف المواقع وصرف عقود مزورة. ووصل الأمر إلى التعدي على مخططات جامعة عدن التي وجهت نداءات لوقف الاعتداءات التي طالت أراضي الحرم الجامعي ابتداءاً من عام 2012م وحتى يومنا هذا، وللأسف كل تلك المطالبات تواجه بالصمت المريب لأجهزة الدولة المختصة لحماية تلك الأراضي باعتبارها ملكية خاصة للجامعة ومخصصة للمنفعة العامة. لقد أصبحت هذه التجاوزات قنبلة موقوتة تم استثمارها سياسياً لإثارة الفوضى وزعزعة الأمن في عدن بهدف وصف المجلس الانتقالي بالعجز بينما هي من صميم عمل الأجهزة الحكومية التي هي أيضاً مشتركة في هذه الجرائم ويقتضي الأمر مقاضاتها فهي إن كانت جادة فإن عليها وضع الحلول لهذه المعضلات البالغة الأهمية والتي تستدعي القطع في مشكلاتها. ولن يتم حسم هذه المسائل إلا باستعادة الأراضي المنهوبة وردع المعتدين وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، إن رمي المسئولية على جهات ليست ذات اختصاص ما هو إلا استخدام سياسي رخيص لا يخدم تحقيق العدالة.
لقد استخدم خفافيش الظلام كل الأساليب الجبانة والمنحطة واللا أخلاقية لإزعاج أهل عدن الطيبين حتى يستسلموا ويسلموا أرضهم للمحتل من جديد ولكنهم تصدوا بشجاعة لكل مؤامراتهم بقيادة المجلس الانتقالي ذو الرؤية العلمية السليمة في مواجهة كل أنواع المغالطات وتزييف الحقائق. والآن شعب الجنوب أصبح محصناً تجاه أي تلاعب أو استمرار لألاعيبهم القذرة والنتنة طالما انهم يتمتعون بنعمة العقل والمنطق وكشف ما جرى ويجري من أنماط السلوك والتصرفات السادية التي تتبعها هذه الجماعة لإخضاع الجنوبيين.